في اجتماع طارئ في مجلس الأمن، الأمم المتحدة تدعو إلى التراجع عن حافة الهاوية بالشرق الأوسط
١٥ أبريل ٢٠٢٤
عقب الهجمات التي شنتها إيران على إسرائيل، يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة حول الوضع في الشرق الأوسط يتحدث خلالها الأمين العام للأمم المتحدة إلى جانب الدول الخمس عشرة الأعضاء في المجلس وممثلي إسرائيل وإيران وسوريا.
يُعقد الاجتماع الطارئ بطلب عاجل من الممثل الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة موجه إلى رئاسة مجلس الأمن قال فيه إن إيران شنت "هجوما مباشرا من أراضيها بأكثر من 200 طائرة مسيرة وصواريخ كروز وقذائف باليستية باتجاه إسرائيل في انتهاك واضح لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي" كما جاء في الخطاب.
كما أرسل الممثل الدائم لإيران لدى الأمم المتحدة خطابا إلى رئيسة مجلس الأمن قال فيه إن "جمهورية إيران الإسلامية نفذت سلسلة من الضربات العسكرية على أهداف عسكرية إسرائيلية" في إطار ممارسة حقها في "الدفاع عن النفس واستجابة للعدوان الإسرائيلي المتكرر وخاصة هجومها المسلح على المباني الدبلوماسية الإسرائيلية" في دمشق وفق ما جاء في الخطاب.
وكان مسؤولو الأمم المتحدة قد أدانوا "التصعيد الخطير الذي يمثله الهجوم واسع النطاق الذي شنته إيران على إسرائيل" ودعوا إلى الوقف الفوري لهذه الأعمال العدائية.
الأمين العام
بدأ الاجتماع بكلمة الأمين العام أنطونيو غوتيريش الذي قال إن "منطقة الشرق الأوسط على حافة الهاوية وإن شعوبها تواجه خطرا حقيقيا بنشوب صراع شامل". وأضاف أن الوقت قد حان لتهدئة التوترات وممارسة أقصى درجات ضبط النفس والتراجع عن حافة الهاوية.
وذكـّر جميع أعضاء الأمم المتحدة بأن الميثاق يحظر استخدام القوة ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة. وشدد على ضرورة احترام حرمة المباني الدبلوماسية والقنصلية وموظفيها في كل الحالات بما يتماشى مع القانون الدولي.
وكان الأمين العام قد أدان الهجمات التي شنتها إيران على إسرائيل أمس، وهجوم الأول من نيسان/أبريل على القنصلية الإيرانية في دمشق.
وأكد غوتيريش أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية مشتركة في "تأمين وقف فوري لإطلاق النار في غزة، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، وتوصيل المساعدات الإنسانية بدون عوائق، ووقف العنف في الضفة الغربية المحتلة وتهدئة التوتر عبر الخط الأزرق (بين لبنان وإسرائيل) واستعادة الملاحة الآمنة في البحر الأحمر. علينا مسؤولية مشتركة للعمل من أجل السلام".
وجدد الأمين العام أنطونيو غوتيريش التأكيد على أن "لا المنطقة ولا العالم يستطيعان تحمل نشوب حرب أخرى".
الولايات المتحدة الأمريكية
روبرت وود، نائب المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة قال إن بلاده تدين، بأشد العبارات، الهجوم غير المسبوق على إسرائيل من قبل إيران "ووكلائها وشركائها المسلحين".
وأضاف أن تصرفات إيران المتهورة لا تشكل تهديدا للسكان في إسرائيل فحسب، بل أيضا لدول أعضاء أخرى في الأمم المتحدة في المنطقة، بما فيها الأردن والعراق. وقال إن من واجب مجلس الأمن ألا يترك تصرفات إيران تمر دون رد.
ودعا مجلس الأمن إلى أن يدين بشكل لا لبس فيه "أعمال إيران العدوانية وأن يدعو إيران وشركاءها ووكلاءها إلى وقف هجماتهم"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تدعم ممارسة إسرائيل لحقها الطبيعي في الدفاع عن نفسها في مواجهة هذا الهجوم.
الجزائر
لسفير نسيم قاواوي نائب الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة قال أمام المجلس إن بلاده حذرت بعد الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق "من مغبة عدم وضع حد لسلوك الاحتلال وغطرسته بالمنطقة"، وأضاف أن صدق هذه التحذيرات يتجلى اليوم.
وقال إن أزمات الشرق الأوسط مترابطة ولا يمكن النظر في بعضها بمعزل عن الآخر، وشدد على ضرورة التعامل مع الأسباب الجذرية لهذه الأزمات والمتمثلة في الاحتلال الإسرائيلي. وأكد ضرورة "ألا تغطي التطورات الأخيرة على القضية المركزية ألا وهي الاعتداء على الشعب الفلسطيني الأعزل في غزة أو أن تتخذ ذريعة أو غطاء لشن هجوم بري على رفح".
وقال إن تهدئة الأمور بالشرق الأوسط على المدى القصير تمر من خلال "وقف فوري لإطلاق النار في غزة ووضع حد لآلة القتل الهمجي والعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني".
روسيا
السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا قال إن بلاده حذرت في أعقاب الهجوم الذي شنته إسرائيل على مقر القنصلية الإيرانية في دمشق من أن مثل هذه الأعمال غير مقبولة ليس فقط ضد دولتين ذواتي سيادة مثل إيران وسوريا، وليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن في أي مكان في العالم.
وأضاف أن الهجوم على التمثيل الدبلوماسي هو بمثابة عمل عسكري بموجب القانون الدولي، وقال مخاطبا ممثلي الدول الغربية في مجلس الأمن: "لو تم ضرب ممثلية غربية، لكنتم ستشنون على الفور سيلا من الأعمال الانتقامية وتجادلون في هذه القاعة (مجلس الأمن) بأنكم كنتم على حق بشأن هذا الأمر. وذلك لأنه بالنسبة لكم، كل ما يتعلق بالتمثيل الغربي للمواطنين الغربيين هو أمر مقدس ويجب حمايته".
وحذر فاسيلي نيبينزيا من خطر تزايد رقعة الصراع في المنطقة، مؤكدا أهمية أن يبذل المجتمع الدولي كافة الجهود اللازمة لتهدئة الوضع "وإلا فإن المنطقة قد تنزلق إلى حلقة مفرغة من الهجمات المتبادلة والعنف". وقال إن إيران أرسلت إشارات بأنها لا تسعى إلى مزيد من التصعيد العسكري ضد إسرائيل. وحث إسرائيل على أن تحذو حذوها وترفض ممارسة الاستخدام الاستفزازي للقوة في الشرق الأوسط.
إسرائيل
جلعاد أردان السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة قال إن الهجوم الإيراني يتعدى كل الخطوط الحمر وإن إسرائيل تحتفظ لنفسها بالحق القانوني في الرد الانتقامي. وشدد على أن العالم بأسره وليس إسرائيل فحسب، يجب ألا يقبل بالتقاعس عن العمل.
وسأل أعضاء المجلس: "ما الذي فعلتموه لحماية العالم من إيران؟ إن الكرة الأرضية كلها تعاني من إيران بما في ذلك الشعب الإيراني. على مر السنين شاهد العالم ظهور رايخ شيعي إسلامي، ولكن كما حدث مع ظهور النازية ظل العالم صامتا".
وقال إن على مجلس الأمن الدولي أن يتخذ إجراءات اليوم ضد إيران وأن يدينها "لما ترتكبه من إرهاب"، ويعيد فرض العقوبات عليها، وأن يعلن الكيان الجوهري للحرس الثوري الإيراني بأنه منظمة إرهابية.
وشدد على ضرورة العمل الآن ليس من أجل مصلحة إسرائيل أو المنطقة فحسب، ولكن لمصلحة العالم بأسره. واختتم كلمته بالقول: "أوقفوا إيران اليوم".
إيران
مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني قال إن "نظام الاحتلال الخارج عن القانون" ارتكب العديد من الجرائم الفظيعة ضد الشعب الإيرانيين من مسؤولين وعلماء ومدنيين، وأعمال تخريب ضد بنية بلاده التحتية النووية السلمية في السنوات الأخيرة، وأطلق تهديدات صريحة باستخدام الأسلحة النووية ضد دولة عضو ذات سيادة في الأمم المتحدة. وقال إن "هذا النظام الإرهابي مسؤول عن جميع الأعمال الإجرامية والإرهابية المرتكبة ضد إيران ويجب أن يتحمل العواقب".
وذكر أن بلاده حذرت مرارا وتكرارا من تداعيات "الأنشطة الخبيثة للنظام الإسرائيلي" على السلام والأمن الإقليميين والدوليين. وأضاف: "لقد مارست إيران أقصى درجات ضبط النفس. والآن حان الوقت لكي يتحمل نظام الاحتلال المسؤولية الكاملة عن عواقبه. ولا يمكن لهذا النظام أن يتهرب من المساءلة".
سوريا
مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير قصي الضحاك قال إن ما شهدته المنطقة يوم أمس السبت كان نتيجة طبيعية وحتمية لأعمال عدوان متكررة وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة "ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي السورية ودول أخرى، مستفيدة بذلك من الدعم الذي وفرته لها الإدارة الأمريكية داخل هذا المجلس وخارجه".
وقال إن ما وصفه بـ "الدعم الأمريكي الأعمى واللا محدود" جعل سلطات الاحتلال "تتخيل واهمة" أنها فوق الأمم المتحدة وفوق القانون الدولي والاتفاقيات والقرارات التي اعتمدتها الأمم المتحدة على مدى عقود. وذكر أن بلاده حذرت مجلس الأمن والأمانة العام للأمم المتحدة، مرارا وتكرارا، "من مخاطر التصعيد وتفجير الأوضاع التي تسعى إليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي".
واتهم الإدارة الأمريكية وحلفاءها بأنهم عرقلوا أي تحرك لمجلس الأمن ونهوضه بمسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين "ووضع حد لجرائم إسرائيل ومساءلتها عنها".