مشاركة الدول العربية في قمة المستقبل: تحديات وحلول وإصلاح
٢٤ سبتمبر ٢٠٢٤
افتتحت قمة المستقبل في المقر الدائم للأمم المتحدة باعتماد ميثاق يضع أسس الإصلاح والعمل على مسارات عدة منها السلم والأمن والتنمية المستدامة والذكاء الاصطناعي. يتحدث في اليوم الأول للقمة نحو 144 مسؤولا رفيعا ومندوبا منهم 9 ممثلين لدول عربية.
مشاركة الدول العربية في قمة المستقبل: تحديات وحلول وإصلاح
UN Photo/Loey Felipe
قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة أثناء استضافتها لفعاليات قمة المستقبل.
اليمن
رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن قال إن بلاده تشارك في قـمة المستقبل، ولديها طموحات لإثبات أنه يمكن للدول التي تعيش حروبا وهشاشة مؤسسية، أن تواكب التقدم العالمي طالما توافرت الإرادة والتفكير الخلاق من أجل اللحاق بالركب.
وقال إن رحلة اليمن خلال العقد الأخير كانت مليئة بالمعاناة والتحديات الصعبة التي جلبتها "حرب المليشيات الحوثية"، مخلفة دمارا هائلا في كافة مناحي الحياة، مضيفا أن اليمن هو اليوم أحد أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.
وشدد على أنه رغم تلك التحديات الهائلة، "يبقى صمود وتصميم الشعب اليمني قويا وثابتا في السعي نحو مستقبل أفضل".
وأشار إلى نجاح اليمن في التعاقد مع شركة ستار لينك العالمية لتقديم خدمة الإنترنت، "التي نراهن عليها في تعزيز تبادل المعلومات والمعرفة وتمكين الفتيات والفتيان من الالتحاق بالتعليم عن بعد وحمايتهم من استقطاب جماعات العنف والتنظيمات المتطرفة".
وقال العليمي: "نعمل أيضا مع باقي أعضاء الأسرة الدولية على بلورة استراتيجية مغايرة تجاه اليمن تقوم على الانتقال من الإغاثة إلى التنمية المستدامة، والنظر بعين الجدية إلى أجندة الشباب والمستقبل، تماما مثلما نحرص على أجندة وقف الصراع وتحقيق السلام الشامل".
الكويت
ولي عهد دولة الكويت الشيخ صباح خالد الحمد الصباح جدد مناشدة بلاده إلى ضرورة التزام الجميع بالقانون والمواثيق والمعاهدات الدولية، مع التأكيد على أهمية التعامل بمسطرة واحدة بعيدا عن ازدواجية المعايير.
وقال الصباح: "لعل ما يحدث في فلسطين من إبادة جماعية ذهب ضحيتها أكثر من 41 ألف فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال، وعجز مجلس الأمن عن إيقاف هذا العدوان لهو مثال قاطع مؤسف على نهج الكيل بمكيالين في تطبيق القانون الدولي، الأمر الذي يجب ألا يكون له مكان في مستقبلنا حتى لا ننزلق إلى عالم تسوده سياسة الغاب".
وناشد كذلك المجتمع الدولي الدفع بشكل أكبر للتفاوض والعمل على تسريع وتيرة إصلاح المنظومة الدولية كي تترجم الواقع القائم والتحديات الراهنة وصولا إلى مجلس أمن شامل وفعال وشفاف وخاضع للمساءلة.
وأشار إلى التحديات التي تواجهها الدول النامية والأقل نموا، بما فيها التحديات العابرة للحدود المتعلقة بالمجال الإنمائي الأوسع والتحديات المرتبطة بالمناخ ومتغيراته المتسارعة، "والتي بينت لنا الحاجة لمراعاة التطبيق الفعلي لمبدأ التمثيل الجغرافي العادل والابتعاد عن التمييز والتسييس".
وأشار إلى جهود بلاده وتقدمها المحرز في تنفيذ خطة التنمية الوطنية والسعي نحو تحقيق خطة التنمية المستدامة 2030 ورؤية الكويت 2035.
العراق
من جانبه قال رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني إن بلاده ملتزمة بالعمل مع المجتمع الدولي لإيجاد حلول مشتركة وبناء مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع. إلا أنه شدد على أن التطور والتنمية المستدامة "لا يتحققان ونحن تحت تهديد الحرب في المنطقة، والتي تهدد السلم العالمي، لذا من الواجب العمل على إيقاف العدوان والحرب وتثبيت الأمن والاستقرار".
وأضاف أن العراق يسعى إلى تعزيز علاقاته الدولية على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مع الالتزام بمبدأ عدم السماح باستخدام أراضيه للاعتداء على الدول الأخرى. وقال: "إن تحقيق السلام يتطلب جهدا دوليا مشتركا، ونرى أن الدبلوماسية والحوار هما المفتاح لتحقيق الاستقرار".
وقال السيد السوداني إن العراق يسعى بخطوات جادة نحو تحقيق التنمية المستدامة والاستجابة الفعالة لأهداف خطة التنمية الوطنية 2024-2028 من خلال تبني إصلاحات استراتيجية شاملة. وأكد أن تحقيق التوازن بين أبعاد التنمية المستدامة الثلاثة يعد أولوية لحكومته، وذلك عبر النمو الاقتصادي المستدام وتكافؤ الفرص وحماية البيئة.
وقال رئيس الوزراء العراقي إن بلاده تدرك حجم التحديات التي تفرضها التغيرات المناخية، وتعمل على دعم الاستثمارات التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط. وأكد على ضرورة منح العراق "الأولوية في التمويل المناخي كونه من أكثر الدول تضررا".
قطر
رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني شدد على أهمية تعزيز الحوكمة العالمية، بما في ذلك إصلاح هياكل التمويل الدولية، وتخفيف عبء الديون وسد الفجوة الرقمية، مشيرا إلى التحديات الخطيرة التي تعيق التقدم الاقتصادي للعالم وتهدد سلامه الاجتماعي والجهود الرامية إلى تحقيق أهـداف التنمية المستدامة.
وأضاف أنه "يتعين تعزيز الجهود لتحقيق نمو اقتصادي مستدام ورفاه اجتماعي أساسه حماية حقوق الإنسان وتمكين النساء، بالإضافة إلى تعزيز العمل المناخي".
وشدد بن جاسم على أنه "لا يمكن تحقيق التنمية دون إرساء دعائم السلام والاستقرار، لذا تواصل دولة قطر جهودها الحثيثة في الوساطة من أجل منع نشوب النزاعات وحلها بالطرق السلمية"، مشيرا إلى وساطة بلاده حاليا بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل بالشراكة مع مصر والولايات المتحدة، "لوقف هذه الحرب الكارثية الوحشية على قطاع غزة".
وكرر دعوة بلاده للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى والمحتجزين، واتخاذ موقف واضح وحازم حيال انتهاكات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بشأن الاعتداءات المتكررة على المدارس والمستشفيات وعمال الإغاثة والنازحين في غزة.
وعلى المستوى الوطني، أشار إلى تدشين بلاده هذا العام المرحلة الثالثة من استراتيجيتها للتنمية الوطنية في إطار رؤية قطر 2030 حرصا على بناء اقتصاد متنوع ومستدام قائم على المعرفة.
عمان
قال وزير خارجية سلطنة عمان بدر بن حمد البوسعيدي إن قمة المستقبل- التي تأتي في وقت يشهد فيه العالم تحديات غير مسبوقة- تتطلب استجابة جماعية وتعاونا دوليا أعمق وأشمل. وأضاف: "إذا اتضحت الرؤية تحقق الهدف، وإن التحديات التي نواجهها اليوم تتطلب رؤية طموحة والتزاما جماعيا قويا".
وأكد أن بلاده ترى أن التعاون الدولي هو الحل الأمثل للتصدي لمختلف القضايا العالمية، مجددا استعدادها للتعاون مع كافة الدول الأعضاء لتحقيق "الأهداف الطموحة" التي يعكسها ميثاق المستقبل.
وقال البوسعيدي إن التحديات التي يواجهها العالم لا يمكن معالجتها بالأساليب التقليدية وحدها، "لذا يجب علينا أن نعمل بحكمة وبصيرة ونبدأ في تنفيذ سياسات تضع الأجيال القادمة في محور الاهتمام وما يهيئ لهم مستقبلا أفضل وأكثر استدامة".
وشدد على أن التكنولوجيا والتعاون الرقمي يشكلان عاملا حاسما في التصدي للتحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية. وقال إن سلطنة عمان تولي أهمية كبيرة لدور الشباب باعتبارهم "القوة المحركة لبناء المستقبل"، لذا أطلقت العديد من المبادرات وحاضنات الابتكار في مختلف المجالات العلمية والصناعية والثقافية والرياضية، هادفة من ذلك إلى تمكين الشباب وتنمية قدراتهم الإبداعية، وتهيئة بيئة تلبي تطلعاتهم وطموحاتهم.
مصر
قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إن بلاده ترى في قمة المستقبل فرصة لتعزيز العمل متعدد الأطراف في مواجهة التحديات التي تلقي بظلالها على الدول النامية وتؤثر على مساعيها لتحقيق التنمية المستدامة.
وأكد أن مصر حرصت على تنظيم منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة على مسار القمة لطرح رؤيتها حول أولويات التعددية والحوكمة وأجندة الوقاية والسلام المستدام ودور الشباب.
وشدد عبد العاطي على ضرورة وقف "العدوان الجاري على قطاع غزة وعلى الضفة الغربية"، وأكد أن الثقة في عدالة النظام الدولي "باتت تتعرض لاختبار حقيقي في ظل عجز المجتمع الدولي عن وقف المأساة المستمرة"، والتي تهدد الآن بالتمدد إلى لبنان والانتشار على نطاق واسع في المنطقة.
كما سلط الضوء على أهمية زيادة تمويل التنمية وإصلاح هيكل النظام المالي العالمي لتقليص الفجوات بين الدول ومعالجة "الخلل الراهن بترك دول عديدة خلف ركب الازدهار". وحث على توفير سبل تنفيذ وتعزيز نقل التكنولوجيا ودفع التعاون الرقمي وزيادة برامج البحث والتطوير وبناء القدرات، خاصة في القارة الأفريقية، بالإضافة الى دعم جهود الدول الأفريقية لمواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ "انطلاقا من مبدأ المسؤوليات المشتركة ولكن متباينة الأعباء".
وأضاف: "علينا العمل سويا لمواجهة تحدي ندرة المياه وتعزيز التعاون المائي العابر للحدود والحفاظ على الأمن المائي للدول بعيدا عن السياسات الأحادية التي تمثل انتهاكا سافرا لمبادئ القانون الدولي".
تونس
خلال خطابه، أكد محمد علي النفطي، وزير الخارجية التونسي ضرورة إصلاح آليات التعاون الدولي على أساس الاحترام المتبادل والتضامن الإنساني. كما أكد أهمية اعتماد وثائق القمة، مثل ميثاق المستقبل الذي بهدف تحقيق التنمية المستدامة وتقليص الفجوة الرقمية.
وشدد الوزير التونسي على أهمية الإرادة السياسية من أجل تحقيق نتائج القمة التي وصفها بأنها فرصة لتحقيق تغيير حقيقي وملموس. وأشار إلى أن النجاح الحقيقي للقمة يظل مرتبطا بانخراط الجميع بكل جدية في تنفيذ مضامينها "حتى لا تبقى مجرد إعلانات نوايا حسنة".
وأضاف: "نأمل أن تكون هذه القمة التي اجتهد الأمين العام (للأمم المتحدة) على الإعداد لها بشكل جيد منطلقا لمرحلة جديدة من العمل متعدد الأطراف تحت راية الأمم المتحدة قوامها المسؤولية المشتركة والتضامن الإنساني من أجل عالم أكثر عدلا وأمنا واستدامة".
كما أكد الوزير التونسي على أهمية منظمات المجتمع المدني في تعزيز العمل متعدد الأطراف لمواجهة التحديات العالمية مثل الفقر والجوع والنزاعات المسلحة وتغير المناخ.
وأشار أيضا إلى ضرورة دعم الشعب الفلسطيني كجزء من التزام المجتمع الدولي بعدم ترك أحد خلف الركب.
البحرين
عبد اللطيف بن راشد الزياني، وزير خارجية البحرين عبّر في كلمته عن أمل حكومة بلاده في أن تسفر قمة المستقبل عن نتائج إيجابية تتماشى مع ميثاق المستقبل.
وقال إن العالم يواجه تحديات جسيمة تتطلب تجديد الالتزام بالعمل الدولي الفعال لمواجهتها، مؤكدا التزام مملكة البحرين بالقيم والمبادئ الراسخة من أجل تحقيق تنمية مستدامة.
كما تطرق الزياني إلى القمة العربية التي استضافتها مملكة البحرين في أيار/مايو الماضي، مشيرا إلى أن المملكة بذلت جهودا حثيثة لضمان خروج القمة العربية بقرارات ونتائج مثمرة وبناءة.
وأضاف أن القمة أكدت الإجماع العربي على ضرورة إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال حل الدولتين. كما تبنت القمة مبادرة بعقد واستضافة مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، حسبما قال.
وأظهرت القمة، وفقا للوزير البحريني، التزام الدول العربية بمواجهة التحديات الإنسانية والتنموية الأوسع التي تواجه عالمنا حيث تضمنت مبادرات تهدف إلى توسيع نطاق الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم للمتضررين من النزاعات بالتعاون مع الوكالات الأممية وتعميق التعاون في مجال التكنولوجيا المالية بهدف تعزيز الازدهار لكافة شعوب المنطقة.
السودان
وزير الخارجية السوداني حسين عوض علي أكد دعم حكومة بلاده لجهود الأمين العام للأمم المتحدة، الرامية لإصلاح المنظمة الدولية في ظل الأزمات الحالية التي قال إنها تهدد "ليس فقط جيلنا الحالي وإنما أجيال المستقبل وكوكبنا الذي نعيش فيه".
وأعرب عن أسفه لازدواجية المعايير، ودعا إلى الالتزام الصارم بميثاق الأمم المتحدة ومبادئه، مشددا على ضرورة احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها.
وشدد على ضرورة تجنب التركيز على بعض المبادئ وإغفال غيرها أو محاولة إعادة تفسير هذه المبادئ والقواعد، "فنظامنا الدولي مرهون باحترام مبادئ مـيثاق الأمم المتحدة لا سيما عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها وسلامتها الإقليمية وعدم استخدام القوة في العلاقات الدولية".
كما أشار الوزير السوداني إلى التحديات التي تواجه الدول النامية، مثل الفقر والنزاعات وتغير المناخ، مؤكدا الحاجة إلى إصلاح الهيكل المالي الدولي لتلبية احتياجات هذه الدول.
وطالب بتعزيز الأولويات المتعلقة بمكافحة الفقر وضمان الحق في التنمية. كما ذكر أهمية تحسين تمثيل الدول النامية في صنع القرار المالي الدولي وتسهيل الوصول إلى التمويل والدعم.
وقال وزير خارجية السودان إن الأمم المتحدة يمكن أن تكون "منبرا مناسبا لقيادة قضايا الإصلاح المالي الدولي من واقع اهتمامها بتحقيق أهداف التنمية المستدامة ومسؤوليتها عن الأمن والسلم الدوليين".
نتابع معكم غدا الاثنين، المشاركات العربية في قمة المستقبل.