بيان صحفي

كلمة أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى الاجتماع الثالث لوزراء مالية مجموعة العشرين ومحافظي البنوك المركزية

٠٩ يوليو ٢٠٢١

  • كلمة أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى الاجتماع الثالث لوزراء مالية مجموعة العشرين ومحافظي البنوك المركزية

    فينيسيا، إيطاليا، 9 يوليو/تموز

أصحاب السعادة،

معالي الوزراء ومحافظي البنوك المركزية،

السيدات والسادة،

نحن الآن في العام الثاني لجائحة عالمية قتلت أربعة ملايين شخص. وحوادث المناخ المتطرف تدمر بانتظام المجتمعات الضعيفة. ولست بحاجة إلى أن أقول لكم: إن الأمر على مسافة بعيدة من النهاية.

والواقع أن الجائحة قد اكتسبت سرعة. إذ استغرق الأمر تسعة أشهر ليحصد الفيروس أرواح مليون شخص، وحوالي ثلاثة أشهر ليحصد أرواح المليون الثاني والمليون الثالث. ومات رابع مليون شخص في غضون أقل من شهرين ونصف.

لقد اجتمعنا معا لتحديد مسار بعض من أكثر القضايا التي نواجهها إلحاحا: الوصول إلى اللقاحات؛ مد شريان حياة اقتصادي إلى العالم النامي؛ وتمويلا حكوميا أكثر وأفضل للعمل المناخي الطموح.

يبدو أن الكثير من البلدان المتقدمة في سبيلها إلى التغلب على الجائحة، ولكن البلدان النامية لا تزال تكافح للبقاء، ناهيك عن التعافي. وبينما حصل على اللقاحات 70 في المائة من الأشخاص في بعض البلدان المتقدمة، يقف هذا الرقم يقف عند أقل من 1 في المائة بالنسبة إلى البلدان منخفضة الدخل.

إن فجوة اللقاحات العالمية تهددنا جميعا لأنه مع تحور الفيروس، قد يصبح أكثر قابلية للانتقال، أو حتى أكثر فتكا.

إن التعهدات بتقديم جرعات من اللقاحات وتمويلات مُرحب بها – ولكنها ليست كافية. نحن لسنا بحاجة إلى مليار، بل إلى ما لا يقل عن 11 مليار جرعة لتلقيح 70 في المائة من العالم ووضع نهاية لهذه الجائحة.

ويدعو هذا إلى أكبر حملة عالمية للصحة العامة في التاريخ، لتلقيح جميع الأشخاص في كل مكان.

إن العالم بحاجة إلى خطة عالمية للقاحات، لمضاعفة إنتاج اللقاحات على الأقل، وضمان التوزيع العادل، باستخدام كوفاكس، المنصة المعنية بتنسيق تنفيذ وتمويل ودعم جاهزية البلدان وقدرتها لطرح برامج التمنيع، فيما تعالج التردد في الحصول على اللقاح.

وللوصول إلى هكذا خطة، فإنني أدعو إلى تشكيل قوة مهام طارئة تجمع البلدان التي تنتج والتي باستطاعتها إنتاج اللقاحات، ومنظمة الصحة العالمية، والتحالف العالمي للقاحات (غافي) ومؤسسات التمويل الدولية القادرة على التعامل مع شركات ومصنعي الأدوية المعنيين، وغيرهم من أصحاب المصلحة الأساسيين.

وتقف مجموعة العشرين في أفضل موقع لقيادة العالم نحو تجهيز وتنفيذ هكذا خطة.

إنكم تملكون الإنتاج والقدرات التمويلية لهزيمة كوفيد-19.

وفي الوقت الراهن، من الأهمية بمكان دعم خريطة الطريق لاستثمار 50 مليار دولار، التي من المقرر أن يقودها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة التجارة العالمية.

 

أصحاب المعالي، الوزراء والمحافظين، السيدات والسادة،

إن التضامن لا يتوقف عند ذلك.

فكثير من البلدان النامية يترنح على حافة العجز عن سداد ديونه. وهم بحاجة إلى شريان حياة اقتصادي.

في الاقتصادات المتقدمة، وصلت الحزم المالية لما يقرب من 28 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي البلدان متوسطة الدخل، ينخفض هذا الرقم إلى 6.5 في المائة؛ أما في البلدان الأقل نموا، فيهوي إلى 1.8 في المائة.

وتواجه البلدان النامية قيودا كبيرة على التمويل، وتكون في كثير من الأحيان مُكبلة بمدفوعات الفائدة وبانخفاض فرص زيادة الضرائب.

وبالتوازي، فمن المتوقع أن تزيد جائحة كوفيد-19 عدد الأشخاص الفقراء بواقع 124 مليون شخص. ثمانية من بين عشرة أشخاص من أولئك "الفقراء الجدد" يعيشون في البلدان المتوسطة الدخل، التي تبقى غير مؤهلة لبرامج تخفيف الديون.

يُشجعني التحرك السريع صندوق النقد الدولي وأعضائه بتخصيص جولة جديدة لحقوق السحب الخاصة بقيمة 650 مليار دولار.

إن التضامن يستلزم أن تنقل البلدان الأكثر ثراء حصصها غير المستخدمة من تلك المخصصات إلى البلدان النامية، بما في ذلك البلدان الضعيفة ذات الدخل المتوسط والدول الجزرية النامية الصغيرة. وأشجع الاقتصادات المتقدمة على نقل حقوق السحب الخاصة غير المستخدمة إلى صندوق المرونة والاستدامة الجديد.

كما تحتاج حقوق السحب الخاصة إلى النظر فيها باعتبارها تمويلا إضافيا، وليست مستقطعة من المساعدة الإنمائية الرسمية.

\ويحدوني الأمل بأن توسع مجموعة العشرين مبادرة تعليق خدمة الدين وإطار العمل المشترك لمعالجة الديون ليشملا الدول متوسطة الدخل الضعيفة والدول الجزرية النامية الصغيرة؛ ووضع إطار العمل المشترك كأساس لبنية ديون دولية معدلة وأكثر إنصافا.

أصحاب المعالي الوزراء والمحافظون المميزون، السيدات والسادة،

إن تعزيز البنية المالية يُعد حاسما أيضا لمكافحة تغير المناخ.

وفي الوقت الراهن تتشكل حركة واعدة من أجل حيادية الكربون. وبحلول الشهر القادم ستكون البلدان التي تُمثل أكثر من 65 في المائة من انبعاثات الدفيئة الضارة وأكثر من 70 في المائة من اقتصاد العالم قد التزمت بانبعاثات صفرية.

ولكننا لا نزال نكافح لإبقاء الزيادة في درجة الحرارة العالمية عند هدف الـ 1.5 درجة الذي حدده اتفاق باريس.

إن 1.5 درجة ليست رقما تعسفيا.

فعند 1.2 درجة، نحن نرى بالفعل الدمار الذي يُحدثه تغير المناخ بصفة شبه أسبوعية.

إذا كان لمؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين المعني بتغير المناخ COP26 في غلاسكو أن يكون نقطة تحول، فإننا نحتاج إلى التزام جميع بلدان مجموعة العشرين بتحقيق هدف الوصول بالانبعاثات إلى الصفر بحلول منتصف القرن، ولتقديم المساهمات المحددة وطنيا مقدما والتي تهدف إلى خفض في الانبعاثات العالمية بواقع 45 في المائة بحلول 2030، مقارنة بمستويات عام 2010.

كما وأن البلدان النامية بحاجة إلى طمأنتهم بأن طموحهم سيقابل بدعم مالي وتقني.

وإنني ليساورني قلق عميق حيال نقص التقدم إزاء التمويل العام للمناخ.

قبل اثني عشر عاما في 2009، وافقت البلدان على حشد 100 مليار دولار سنويا من مصادر عامة وخاصة لصالح إجراءات التخفيف والتكيف بحلول 2020. وقد كرروا هذا التعهد في اتفاق باريس في 2015.

إن 100 مليار دولار هي الحد الأدنى بالكاد. فمن الكاريبي إلى المحيط الهادئ، واجهت الاقتصادات النامية فواتير ضخمة تتعلق بالبنية التحتية بسبب قرن من الانبعاثات لم يكن لهم فيه ناقة ولا جمل. ولكن الاتفاق لم يتم الحفاظ عليه.

إن خطة واضحة للوفاء بهذا الوعد ليست تتعلق باقتصاديات تغير المناخ فحسب، وإنما تتعلق بتأسيس الثقة في النظام متعدد الأطراف.

ويبدأ التضامن بالمائة مليار دولار. وينبغي أن يمتد إلى تخصيص 50 في المائة من كل التمويل المخصص للمناخ إلى التكيف، بما في ذلك الإسكان المرن، والطرق المرتفعة وأنظمة الإنذار المبكر التي تنقذ الأرواح وسبل العيش.

إن تمويل التكيف هذا ينبغي ألا يأتي على حساب التخفيف. فنحن بحاجة إلى كليهما. ولدى بنوك التنمية دور لا غنى عنه لتضطلع به هنا، بمساعدة البلدان النامية على الانتقال من الفحم، والنفط والغاز إلى الطاقة المتجددة، عبر إضافة وظائف خضراء والحد من أوجه عدم المساواة.

وتحتاج البنوك إلى استراتيجية واضحة لتفادي وضع تحبس فيه البلدان النامية نفسها في استثمارات عالية الكربون، مكثفة الوقود الأحفوري، تكون معرضة لأن تستحيل أصولا عالقة.

وفي حين يُعد التمويل العام أساسيا، فإنه لا غنى كذلك عن تمويل خاص واسع النطاق. يبدو هذا ممكنا الآن، لأول مرة. 

لقد انضم أكثر من 160 شركة مالية، مسؤولة عن أصول بقيمة 70 تريليون دولار، إلى تحالف غلاسكو المالي من أجل الوصول إلى انبعاثات صفرية.

يقود تحالف مالكي الأصول، الذي يُمثل 6.6 تريليون دولار من الأصول تحت إدارته، الطريق بخطط وأهداف ملموسة.

ولتعزيز تلك الجهود، فإن على مجموعة العشرين أن تضع سياسات للمناخ تتسم بالطموح والوضوح والمصداقية لضمان أن يكون لدى القطاع الخاص إطار العمل الذي يحتاجه من خلال عمليات إفصاح مالي إجبارية تتعلق بالمناخ.

سوف يجذب هذا الاستثمارات في اقتصاداتكم، ويزيد الوظائف ويُسرع الانتقال إلى الطاقة المتجددة المستدامة.

ونحن بحاجة إلى التزام جميع الممولين بعدم تقديم أي تمويلات دولية جديدة للفحم، بحلول نهاية 2021.

أصحاب المعالي، الوزراء والمحافظين، السيدات والسادة،

من أجل استعادة الثقة في تعددية الأطراف، نحتاج إلى الوفاء بتعهداتنا بشأن اللقاحات والتعافي الاقتصادي وتمويل المناخ. إن الاقتصادات المتقدمة بحاجة إلى إظهار التضامن الذي يتجاوز الكلمات إلى أفعال ذات ملموسة ذات معنى.

بقيادتكم وبإرادتكم السياسية، نستطيع القيام بذلك.

ستكون الشهور الستة القادمة حاسمة.

وإنني أحثكم على العمل معا لبناء تعاف قوي من الجائحة، وتعزيز أساسات الاقتصاد العالمي، ومنع تغير مناخ كارثي.

شكرا لكم

 

كيانات الأمم المتحدة المشاركة في هذه المبادرة

الأمم المتحدة

الأهداف التي ندعمها عبر هذه المبادرة