جائحة كوفيد-19، إلى جانب إجراءات الاحتلال جعلت 2020 أسوأ عام على الشعب الفلسطيني منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية في 1994
٢٨ سبتمبر ٢٠٢١
- الأزمة الدائمة الناتجة عن الاحتلال تزداد حدة مع جائحة كوفيد-19 وتهديد الضم، بحسب أحدث تقرير للأونكتاد حول المساعدة التي يقدمها للشعب الفلسطيني.
جنيف – في عامي 2020 و2021، شهدت الأرض الفلسطينية المحتلة عدة موجات من جائحة كوفيد-19 منذ أوائل آذار مارس 2020. وأدت سلسلة الإغلاقات التي فرضتها السلطة الوطنية الفلسطينة للحد من انتشار الجائحة إلى انخفاض حاد في النشاط الاقتصادي.
وفقا لآخر تقرير للأونكتاد حول المساعدة التي يقدها للشعب الفلسطيني، جائحة كوفيد-19، إلى جانب إجراءات الاحتلال جعلت عام 2020 أسوأ عام على الشعب الفلسطيني منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية في عام 1994.
يقول التقرير: "إن التعافي في عام 2021، وما بعده يتوقف على الإجراءات التي ستتخذها (أو لا تتخذها) سلطة لاحتلال ومدى دعم الجهات المانحة."
جائحة كوفيد-19 في ظل اقتصاد منهك
بعد مرور أكثر من شهر على انتشار الوباء تراجع الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بنسبة 4,9% في الربع الأول من 2020، مقارنة بالربع الأخير من العام 2019.
وكان الربع الثاني هو الأسوأ، إ تراجعت جميع المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، حيث انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 18%، وتم إغلاق ثلثي المنشآت بالكامل، وارتفعت البطالة إلى نسبة 39%، بينما انخفض الاستثمار والتصدير والواردات بشكل حاد.
اجتاحت الأزمة جميع قطاعات الاقتصاد، بما في ذلك السياحة والبناء والخدمات والقطاعات الصناعية والزراعية، وقد انكمش الاقتصاد الفلسطيني في عام 2020، بنسبة 11,5 في المائة، مقارنة بعام 2019، وهو ثاني أسوأ انكماش له منذ 1994.
وارتفع معدل البطالة إلى 26 في المائة حتى مع انخفاض معدل المشاركة في القوة العاملة من 44 في المائة إلى 41 في المائة بين عامي 2019 و2020.
ويؤكد تقرير الأونكتاد أنه حتى قبل ظهور فيروس كورونا المستجد، كان الاقتصاد الفلسطيني في حالة تفكك وعدم استقرار، واتسمت البيئة السياسية والاقتصادية العامة في السنوات الأخيرة بالتدهور المستمر.
فالقاعدة الإنتاجية للاقتصاد الفلسطيني في حالة ضعف، مع تعمق التفاوت الجغرافي وتشظي الأسواق الفلسطينية وفي نفس الوقت فإن القيود المفروضة من الاحتلال على استيراد عوامل الإنتاج، والتكنولوجيا تسببت في خسائر فادحة وأضعفت الإنتاجية.
واستمر فقدان الأراضي والموارد الطبيعية لمصلحة المستوطنات بلا هوادة، واستمر تسرب الموارد المالية إلى الخزانة الإسرائيلية، وتضرر الاقتصاد الإقليمي في غزة بالحصار الذي طال والعمليات العسكرية المتكررة.
التهديد بالضم يفاقم الأوضاع
علاوة على ذلك، تصاعد التهديد من قبل سلطة الاحتلال بضم مساحات واسعة من الضفة الغربية.
في نيسان/أبريل 2020 ، وفي ظل أسوأ أزمة صحية عالمية منذ قرن، أعلنت سلطة الاحتلال عن خطط لضم المزيد من الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية.
ردت الحكومة الفلسطينية بوقف جميع الاتصالات الثنائية ورفضت تلقي إيرادات المقاصة المالية التي تجمعها إسرائيل نيابة عنها من الضرائب على التجارة الدولية الفلسطينية (المقاصة) مما أدى إلى حرمان السلطة الوطنية الفلسطينية من 68٪ من إيراداتها المالية ودخولها في أزمة مالية خانقة لنصف العام، واستمرت حتى استئناف تحويل الأموال في نوفمبر.
في نيسان/أبريل 2021 ، عانى الاقتصاد الفلسطيني من صدمة أخرى مع اندلاع أعمال العنف رًدًا على تهديد السلطات الإسرائيلية بطرد عائلات فلسطينية من منازلها في القدس الشرقية. وسرعان ما امتد العنف إلى أنحاء الضفة الغربية، حيث أصيب أو قتُل العديد من الفلسطينيين.
ازدياد سوء حياة الفلسطينيين الخاضعين لقيود التنقل منذ عام 2000
وفي الوقت نفسه، في غزة، انتشرت الجائحة في ظرف عسير شهد تفكك البنية التحتية للصحة العامة والرعاية الصحية، وانتشار الفقر المدقع، وانعدام الأمن، والمواجهات المتكررة.
في أيار/مايو2021، نفذت سلطة الاحتلال مئات الغارات الجوية التي دمرت وألحقت أضرارًا جسيمة بالممتلكات، بما في ذلك العديد من المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية والمباني التجارية والسكنية والمرافق التعليمية.
ولعقود من الزمان، حتى قبل الوباء، عانى الشعب الفلسطيني واقتصاده من حصار بطريقة أو بأخرى. وظلت القيود الصارمة على تنقل الأشخاص والسلع والنشاط الاقتصادي واقع يومي منذ عام 2000 ، عندما نفذت قوة الاحتلال سياسة الإغلاق باستخدام نظام مركب للتحكم في التنقل. في غضون ذلك، منذ عام 2007 ، يخضع قطاع غزة لحصار محكم.
ويؤكد التقرير:"على الرغم من شدة صدمة الجائحة، يظل الاحتلال هو العائق الرئيسي أمام التنمية في الأرض الفلسطينية المحتلة ".
التوسع الاستيطاني يقوض افاق حل الدولتين
منذ عام 1967 ، أطلقت سلطة الاحتلال سياسة طويلة الأمد تهدف إلى تأسيس المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة. وقد أنفقت مليارات الدولارات لتشييد بنية تحتية حديثة بغرض توسيع المستوطنات، بما في ذلك الطرق وأنظمة المياه والصرف الصحي والاتصالات والطاقة والأمن والتعليم ومرافق الرعاية الصحية. وتم تقديم حوافز للمستوطنين ورجال الأعمال للانتقال للمستوطنات وزيادة عدد السكان فيها.
وفي الوقت نفسه، أدى هدم المباني والأصول الإنتاجية الفلسطينية بهدف زيادة مساحة التوسع الاستيطاني إلى خلق بيئة قسرية تدفع الفلسطينيين إلى ترك أرضهم.
ورغم التباطؤ في النشاط البشري الناجم عن الجائحة في المنطقة وحول العالم، فقد سجل عام 2020 أعلى عدد من عمليات الهدم والتهجير للفلسطينيين في السنوات الأخيرة.
وفي عام 2020 ، استهدفت سلطة الاحتلال 848 عقارًا مملوكًا للفلسطينيين في أنحاء الضفة الغربية. أدت عمليات الهدم والمصادرة إلى نزوح مئات الفلسطينيين ومفاقمة تأثير الجائحة والمتطلبات المرتبطة بها مثل المأوى والتباعد الاجتماعي والوصول إلى الخدمات الطبية وغيرها.
علاوة على ذلك، في نيسان/أبريل 2020 ، أعلنت إسرائيل رسمي اً عن خطط لضم أجزاء من الضفة الغربية ، وعلى الرغم من تأجيل الضم الرسمي في آب /أغسطس 2020 ، إلا أن الواقع على الأرض لم يتغير.
وتواصل سلطة الاحتلال معاملة المستوطنات على أنها جزء من أراضيها السيادية، وبحكم الأمر الواقع يستمر الضم ويتسارع كما يتضح من ارتفاع وتيرة بناء المستوطنات إلى مستويات هي الأعلى منذ عقد من الزمان.
في عام 2020، وافقت سلطة الاحتلال على بناء أكثر من 150,12 منزلاً في المستوطنات، وهو المعدل الأعلى منذ عام 2012. وبحلول أوائل عام 2021 ، تمكنت إسرائيل من إنشاء أكثر من 280 مستوطنة في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية. كما ارتفع عدد المستوطنين من 315,198 في عام 2000 إلى أكثر من 000,650 في أوائل عام 2021.
وقد أكد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 ، ان بناء المستوطنات يمثل انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي.
أثر المستوطنات على الشعب الفلسطيني
ويحذر تقرير الأونكتاد من أن المستوطنات تجرد الشعب الفلسطيني من أرضه وموارده الطبيعية، فضلا ً عن حقه غير القابل للتصرف في التنمية، وترسخ الاحتلال وتقوض افاق حل الدولتين.
وبحسب التقرير، فإن التأثير البيئي للمستوطنات خطير، حيث تنقل سلطة الاحتلال كميات كبيرة من المواد الخطرة والنفايات الإلكترونية كل عام لمعالجتها في الضفة الغربية، حيث إن اللوائح التي تطبقها أقل صرامة من تلك المطبقة داخل حدودها.
ويؤثر التلوث من قطاع النفايات الإلكترونية غير الرسمي والصناعات غير المنظمة على صحة الإنسان، ولا سيما صحة الأطفال. وقد أدى الاحتلال إلى تقويض البيئة بشكل أكثر تأثيرا ً عن طريق تدمير ملايين اشجار الزيتون والأشجار الأخرى لإفساح المجال ل توسيع المستوطنات.
وقد تأسست السلطة الوطنية الفلسطينية في إطار سياسي مقيد ومتزايد القيود، الأمر الذي أثقل كاهلها بمسؤوليات أكبر بكثير من الموارد والحيز السياساتي المتاح لها.
وإلى ان ينتهي الاحتلال، لا يوجد بديل عن دعم كافي من الجهات المانحة والمجتمع الدولي لإعادة تشييد البنية التحتية المادية والمؤسساتية المدمرة، ونظام الرعاية الصحية الهش.
ويوصي التقرير أنه، من أجل ترجمة الدعم الدولي إلى تقدم حقيقي، على سلطة الاحتلال أن ترفع جميع القيود التي تفرضها على الاقتصاد الفلسطيني.
*** ** ***