رسالة الأمين العام بالفيديو بمناسبة صدور التقرير الثالث للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ
٠٤ أبريل ٢٠٢٢
- يجب التحرك الآن لتحويل الوعود والخطط المناخية إلى واقع وتدابير ملموسة.
- فقد حان الوقت للتوقف عن حرق كوكبنا، وبدء الاستثمار في الطاقة المتجددة المتاحة بوفرة حولنا.
لقد توصلت هيئة ”المحلّفين“ إلى حكمها النهائي.
وهو حكم بالإدانة المؤكدة.
فتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إنما هو سردٌ طويل من الوعود المناخية المنكوثة.
بل هو سجلّ يبعث على الشعور بالعار، ويُفهرس التعهدات الجوفاء التي تزجّ بنا حتما نحو عالم تنتفي فيه مقومات الحياة.
إننا نسير بسرعة مروعة نحو كارثة مناخية:
مدن كبرى ستصبح مغمورة تحت المياه.
وموجات من الحر لم يسبق لها مثيل.
وعواصف مُرعبة.
ونقص في المياه على نطاق واسع.
وانقراض مليون نوع من النباتات والحيوانات.
ليس هذا المشهد ضربا من الخيال ولا هو من باب المبالغة.
إنه الواقع الذي يخبرنا العلم أنه سيتحقق نتيجة سياساتنا الحالية في مجال الطاقة.
فنحن في طريقنا إلى احترار عالمي يتجاوز ضعف الحد المتفق عليه في باريس وهو 1,5 درجة مئوية.
وأقوال بعض قادة الحكومات ورجال الأعمال تصبّ في اتجاه - بينما تصبّ أفعالهم في اتجاه آخر.
إنهم بكل بساطة يكذبون.
وعواقب ذلك ستكون كارثية.
إننا في حالة طوارئ مناخية.
ويحذر علماء المناخ من أننا قد أوشكنا بشكل خطير على بلوغ نقاط تحوّل يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات مناخية متتالية لا سبيل لتداركها.
لكن الحكومات والشركات المسؤولة عن أعلى نسب الانبعاثات لا تكتفي بغض الطرف عن هذا الوضع؛ بل تتمادى كَمَن يصبّ الزيت على النار.
فهي لا تتورّع عن تضييق الخناق على كوكبنا، حسبما تُمليه مصالحها الخاصة واستثماراتها التاريخية في الوقود الأحفوري، في الوقت الذي توجد فيه حلول متجددة أقل تكلفة تساهم في توفير فرص العمل المراعية للبيئة، وأمن الطاقة، ومزيد من الاستقرار في الأسعار.
لقد اختتمنا المؤتمر السادس والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ المعقود في غلاسكو بشعور من التفاؤل الساذج، مردُّه الوعود والالتزامات الجديدة المقطوعة.
لكن المشكلة الرئيسية - المتمثلة في الفجوة الهائلة والمتزايدة في مجال الانبعاثات - كان مصيرها التجاهل.
فالعلم واضح.
لكي نتمكن من الحفاظ على أمل تحقيق هدف حصر الاحترار في حدود لا تتجاوز 1,5 درجة مئوية على النحو المتفق عليه في باريس، يتعين علينا خفض الانبعاثات العالمية بنسبة 45 في المائة خلال هذا العقد.
بيد أن التعهدات المناخية الحالية ستؤدي إلى زيادة بنسبة 14 في المائة في الانبعاثات.
ومعظم الجهات الرئيسية المسبِّبة للانبعاثات عازفة عن اتخاذ الخطوات اللازمة للوفاء ولو بهذه الوعود المنقوصة.
وأحيانا يوصَف النشطاء في مجال المناخ بالمتطرفين الخطيرين.
لكن حقيقة الأمر أن البلدان التي تزيد من إنتاج الوقود الأحفوري هي المتطرفة الخطيرة.
فالاستثمار في البنية التحتية الجديدة للوقود الأحفوري هو ضربٌ من الجنون الأخلاقي والاقتصادي.
وسرعان ما ستتحول مثل هذه الاستثمارات إلى أصول مهجورة - مجرد وصمة في المشهد العام، وتشوّه في المحافظ الاستثمارية.
لكن الأمور يمكن أن تسير على غير هذا المنوال.
إذ يركز التقرير الصادر اليوم على استراتيجية التخفيف - والحد من الانبعاثات.
ويحدد خيارات قابلة للتطبيق وسليمة من الناحية المالية في كل قطاع، خيارات كفيلة بأن تنقذ إمكانية حصر الاحترار عند 1,5 درجة مئوية.
فأولا وقبل كل شيء، يجب أن نسرّع وتيرة التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة بمقدار ثلاث مرات.
وهذا يعني التحرك، الآن، لنقل الاستثمارات والإعانات من قطاع الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة.
وفي معظم الحالات، تكون مصادر الطاقة المتجددة أقل تكلفة بكثير.
ويعني أيضا توقف الحكومات عن تمويل قطاع الفحم، ليس فقط في الخارج، ولكن في بلدانها أيضا.
ويعني تكوين تحالفات مناخية، تتألف من البلدان المتقدمة، ومصارف التنمية المتعددة الأطراف، والمؤسسات المالية الخاصة، والشركات، دعما للاقتصادات الناشئة الكبرى في إحداث هذا التحول.
ويعني حماية الغابات والنظم الإيكولوجية بوصفها حلولا مناخية فعالة.
ويعني إحراز تقدم سريع في مجال الحد من انبعاثات غاز الميثان.
ويعني تنفيذ التعهدات التي قُطعت في باريس وغلاسكو.
ويجب على القادة أن يتولوا زمام القيادة.
ولكن بإمكاننا جميعا أن نقوم بدورنا في هذا المسعى.
فنحن مدينون للشباب والمجتمع المدني ومجتمعات الشعوب الأصلية بدق ناقوس الخطر ومساءلة القادة.
وينبغي أن نستفيد من عملهم لتوليد حركة شعبية لا يمكن تجاهلها.
إذا كنت فردا تعيش في مدينة كبيرة أو منطقة ريفية أو دولة جزرية صغيرة؛
وإذا كنت تستثمر في سوق الأوراق المالية؛
وإذا كنت تهتم بقضية العدالة ومستقبل أطفالنا؛
فإنني أناشدُك مباشرة:
المطالبة باستخدام الطاقة المتجددة الآن - بسرعة وعلى نطاق واسع.
والمطالبة بوضع حد لتوليد الطاقة التي تعمل بالفحم.
والمطالبة بإنهاء جميع أشكال الدعم المقدم لقطاع الوقود الأحفوري.
إن تقرير اليوم يصدر في مرحلة يشهد فيها العالم الكثير من الاضطرابات.
فقد بلغت أوجه عدم المساواة مستويات غير مسبوقة. وثمة تفاوت صارخ في درجات التعافي من جائحة كوفيد-19.
والتضخم آخذ في الارتفاع، وبسبب الحرب الدائرة في أوكرانيا، تشهد أسعار المواد الغذائية والطاقة ارتفاعا حادا.
لكن زيادة إنتاج الوقود الأحفوري لن تؤدي إلا إلى تفاقم الأمور.
والخيارات التي تتخذها البلدان الآن هي خيارات حاسمة ستحدد قدرتنا على الوفاء بالتزام حصر الاحترار عند 1,5 درجة أو فشلنا في ذلك.
إن التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة كفيل بأن يرمّم مصفوفتنا الحالية من مصادر الطاقة العالمية ويمنح الأمل لملايين الأشخاص الذين يعانون اليوم من الآثار المناخية.
ويجب التحرك الآن لتحويل الوعود والخطط المناخية إلى واقع وتدابير ملموسة.
فقد حان الوقت للتوقف عن حرق كوكبنا، وبدء الاستثمار في الطاقة المتجددة المتاحة بوفرة حولنا.