الأمـــــــــم المتحـــــدة الأمين العام _ _ ملاحظات لوسائط الإعلام نيويورك، 28 شباط/فبراير 2025
٢٨ فبراير ٢٠٢٥
إن سخاء الشعب الأمريكي وتعاطفه لم ينقذ الأرواح ويبني السلام ويحسّن حالة العالم فحسب.
لقد ساهم في تحقيق الاستقرار والازدهار الذي يعتمد عليه الأمريكيون.
إن موظفي الأمم المتحدة حول العالم فخورون للغاية بما أنجزناه معا – كشركاء.
إن المضي قدماً في هذه الاقتطاعات سيجعل العالم أقل صحة وأقل أمناً وأقل ازدهاراً.
ا
حضرات السيدات والسادة الإعلاميين،
أود أن أبدأ بالإعراب عن قلقي العميق إزاء المعلومات التي وردت في الساعات الـ 48 الماضية من قبل وكالات الأمم المتحدة - وكذلك العديد من المنظمات غير الحكومية الإنسانية والمعنية بالتنمية - بشأن التخفيضات الحادة في التمويل من قبل الولايات المتحدة.
وتؤثر هذه التخفيضات على مجموعة واسعة من البرامج الحاسمة...
من المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، إلى دعم المجتمعات الهشة التي تتعافى من الحروب أو الكوارث الطبيعية...
ومن التنمية إلى مكافحة الإرهاب والاتجار غير المشروع بالمخدرات.
ستكون العواقب مدمرة بشكل خاص على الفئات الضعيفة في جميع أنحاء العالم.
ففي أفغانستان، سيُحرم أكثر من تسعة ملايين شخص من الخدمات الصحية وخدمات الحماية، مع تعليق الخدمات التي تقدمها مئات الفرق الصحية المتنقلة.
أما في شمال شرق سوريا، حيث يحتاج 2.5 مليون شخص إلى المساعدة، فإن غياب التمويل الأمريكي يعني أن البرامج ستترك أعدادا كبيرة من السكان أكثر عرضة للخطر.
في أوكرانيا، تم تعليق البرامج القائمة على النقد في مناطق رئيسية – وهذه البرامج تُعدّ سمة رئيسية للاستجابة الإنسانية وقد وصلت إلى مليون شخص في عام 2024.
أما في جنوب السودان، فقد نفد التمويل المخصص لبرامج دعم الأشخاص الذين فروا بسبب النزاع في السودان المجاور، مما ترك المناطق الحدودية مكتظة بشكل خطير.
وفي الوقت نفسه، سوف يضطر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إلى وقف العديد من برامجه لمكافحة المخدرات، بما في ذلك برنامج مكافحة أزمة الفنتانيل، وتقليص أنشطة مكافحة الاتجار بالبشر بشكل كبير.
وتوقف تمويل العديد من برامج مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز والسل والملاريا والكوليرا.
وأعربنا عن امتناننا للغاية للدور الرائد الذي قدمته الولايات المتحدة على مدى عقود.
فعلى سبيل المثال، وبفضل سخاء المانحين - وعلى رأسهم الولايات المتحدة - تساعد الأمم المتحدة وتحمي أكثر من 100 مليون شخص كل عام من خلال برامجنا الإنسانية...
من غزة إلى السودان وأفغانستان وسوريا وأوكرانيا وغيرها.
يدعم التمويل الأمريكي بشكل مباشر الناس الذين يعيشون في الحروب والمجاعات والكوارث، ويوفر لهم الرعاية الصحية الأساسية والمأوى والمياه والغذاء والتعليم - والقائمة تطول.
الرسالة واضحة.
إن سخاء الشعب الأمريكي وتعاطفه لم ينقذ الأرواح ويبني السلام ويحسّن حالة العالم فحسب.
لقد ساهم في تحقيق الاستقرار والازدهار الذي يعتمد عليه الأمريكيون.
إن موظفي الأمم المتحدة حول العالم فخورون للغاية بما أنجزناه معا – كشركاء.
إن المضي قدماً في هذه الاقتطاعات سيجعل العالم أقل صحة وأقل أمناً وأقل ازدهاراً.
وسيتعارض تقليص دور أمريكا الإنساني ونفوذها مع المصالح الأمريكية على الصعيد العالمي.
لا يسعني إلا أن آمل في أن يتم التراجع عن هذه القرارات بناء على مراجعات أكثر دقة، وينطبق الأمر نفسه على الدول الأخرى التي أعلنت مؤخرا عن تخفيضات في المساعدات الإنسانية والإنمائية.
وفي غضون ذلك، تقف كل وكالة من وكالات الأمم المتحدة على أهبة الاستعداد لتقديم المعلومات والمبررات اللازمة لمشاريعها.
ونحن نتطلع إلى العمل مع الولايات المتحدة في هذا الصدد.
يقوم جميع منسقي الشؤون الإنسانية في الميدان بتحديث الاستراتيجيات على وجه السرعة حول كيفية توفير حماية بأكبر قدر ممكن من العمل المنقذ للحياة.
وقد اتفقت اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات، التي تجمع بين وكالات الأمم المتحدة الإنسانية وشركائنا، على خطة طموحة لتحقيق الكفاءة وتحديد الأولويات.
وتبقى أولويتنا المطلقة واضحة.
سنبذل كل ما في وسعنا لتقديم المساعدات المنقذة للحياة لمن هم في حاجة ماسة إليها.
وسنواصل جهودنا لتنويع مجموعة المانحين الأسخياء الذين يدعمون عملنا.
وسنظل ملتزمين بجعل الجهود الإنسانية العالمية فعالة وخاضعة للمساءلة ومبتكرة قدر الإمكان مع الاستمرار في إنقاذ الأرواح.
حضرات السيدات والسادة الإعلاميين،
سأكون يوم الثلاثاء المقبل في القاهرة للمشاركة في مؤتمر القمة الاستثنائي لجامعة الدول العربية لمناقشة إعادة إعمار غزة.
ومنذ الهجمات الإرهابية المروعة التي شنتها حماس في إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، جرّت الأعمال العدائية التي أعقبت ذلك مستويات غير مسبوقة من الموت والدمار في غزة.
فأصبحت غزة بؤرة للموت والنزوح والجوع والمرض.
ودُمّرت المستشفيات والمدارس ومرافق المياه وتحولت إلى أنقاض.
ويحدق بالسكان خطر التعرض للمزيد من الدمار.
ويمثل مؤتمر القمة الذي سيُعقد الثلاثاء فرصة ليجتمع قادة العالم العربي ويناقشوا العناصر المطلوبة لتحقيق السلام والاستقرار في غزة.
وسيساعد موقفهم الموحد في توجيه سُبل المضي قدما.
وسأحدد فيما يلي الأولويات الرئيسية.
أولا - يجب أن يصمد اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.
الأيام القادمة حاسمة.
ولا يجب على الطرفين ادّخار أي جهد لتجنب انهيار هذا الاتفاق.
وأحثهما على الوفاء بالتزاماتهما وتنفيذها بالكامل.
ويجب إطلاق سراح جميع الرهائن فورا ودون شروط وبطريقة تصون كرامتهم.
ويجب على الطرفين ضمان المعاملة الإنسانية لجميع المحتجزين تحت سلطتهم.
ويجب الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية وحمايتها وتمويلها والسماح بإيصالها دون عوائق إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها.
وكل لحظة يصمد فيها وقف إطلاق النار تعني الوصول إلى عدد أكبر من الأشخاص وإنقاذ المزيد من الأرواح.
لقد بيّنا مرارا وتكرارا ما يمكننا تقديمه.
ومنذ وقف إطلاق النار، تمكّن العاملون في المجال الإنساني من تكثيف عملياتهم في غزة وتوسيع نطاقها، بما في ذلك إلى المناطق التي تعذّر الوصول إليها أثناء القتال.
وبالتعاون مع شركائنا، وصلنا إلى مئات الآلاف من الأشخاص...
ووفّرنا الغذاء لجميع السكان في غزة تقريبا...
وأوصلنا مستلزمات الإيواء والملابس وغيرها من المواد الأساسية لعشرات الآلاف من النازحين...
وضاعفنا كمية المياه النظيفة المتاحة للناس في غزة.
وفي الوقت نفسه، قام شركاؤنا بتوزيع الإمدادات الطبية لتصل إلى حوالي 1,8 مليون شخص، مما ساعد المرافق الصحية على مواصلة عملها المنقذ للحياة.
رسالتنا واضحة.
إذا ما توفرت لنا الظروف المناسبة وأُتيح لنا الوصول، يمكننا القيام بأكثر من ذلك بكثير.
ويجب أن يصمد وقف إطلاق النار. ويجب أن نُبقي شريان الحياة الإنساني مفتوحا.
وفي هذا الإطار، إنني أناشد مرة أخرى من أجل تقديم الدعم العاجل والكامل لعمل الأونروا.
ويجب الحفاظ على دور الأونروا الفريد من نوعه.
ثانيا - إنهاء الأزمة الآنية ليس سوى الخطوة الأولى.
يجب أن يكون هناك إطار سياسي واضح يُرسي الأسس اللازمة للتعافي وإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار الدائم في غزة.
ويجب أن يستند هذا الإطار إلى مبادئ واضحة.
وهذا يعني الالتزام بأسس القانون الدولي.
وهذا يعني منع أي شكل من أشكال التطهير العرقي.
وهذا يعني أنه ينبغي ألا يكون هناك وجود عسكري إسرائيلي طويل الأمد في غزة.
وهذا يعني معالجة الشواغل الأمنية المشروعة لإسرائيل.
وهذا يعني المساءلة عن انتهاكات القانون الدولي.
وهذا يعني بقاء غزة جزءا لا يتجزأ من دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية وذات سيادة، دون أي انتقاص من أراضيها أو نقل قسري لسكانها.
ويجب التعامل مع قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة - بما في ذلك القدس الشرقية - ككيان واحد - سياسيا واقتصاديا وإداريا...
تحكمهما حكومة فلسطينية يقبلها الشعب الفلسطيني ويدعمها.
ويجب أن تصمم أي ترتيبات انتقالية بهدف التوصّل إلى حكومة فلسطينية موحدة في إطار زمني دقيق ومحدود.
وسأدعو كذلك إلى تهدئة عاجلة للوضع المثير للجزع في الضفة الغربية.
فالمنازل والبنية التحتية المدنية تُدمّر.
والمدنيون يُقتلون.
والمجتمعات المحلية تُهجّر وتُمنع من العودة.
ويُمنع الوصول إلى الرعاية الصحية.
ويجب أن تتوقف الأعمال أحادية الجانب، بما في ذلك التوسع الاستيطاني والتهديدات بالضم.
وأدعو إلى وضع حد للهجمات على المدنيين وممتلكاتهم.
وأخيرا، يجب أن نتخذ خطوات ملموسة - الآن - نحو تحقيق حل الدولتين.
يجب أن يتمتع الشعب الفلسطيني بالحق في أن يحكم نفسه بنفسه، وأن يرسم مستقبله بنفسه، وأن يعيش على أرضه في حرية وأمان.
والطريق الوحيد لتحقيق السلام الدائم هو الطريق الذي تعيش فيه دولتان - إسرائيل وفلسطين - جنبا إلى جنب في سلام وأمن، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتكون القدس عاصمة للدولتين.
يستحق الفلسطينيون الاستقرار الدائم والسلام العادل والقائم على المبادئ.
ويستحق شعب إسرائيل أن يعيش في سلام وأمن.
وفي هذه اللحظة الهشة، يجب أن نتجنب استئناف الأعمال العدائية التي من شأنها أن تعمّق المعاناة وتزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة هي أصلا على شفا هاوية.
نحن بحاجة إلى إعادة إعمار مستدامة وحل سياسي موحد وواضح وقائم على المبادئ.
هذا ما سأدعو إليه في القاهرة الأسبوع المقبل.
شكرا لكم.