إعادة تصور التنمية في عالم من التعقيدات: الاجتماع السنوي للأمم المتحدة في مصر يدرس استراتيجيات وشراكات جديدة لدعم الأولويات الوطنية وتسريع أهداف التنمية المستدامة
الاجتماع كان بمثابة لحظة شديدة الأهمية لإعمال التفكير وتجديد الالتزام بدفع الأولويات الوطنية وتسريع التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
القاهرة – على خلفية المشهد العالمي والإقليمي الذي يتغير بوتيرة متسارعة، وما يصاحبه من حالة من عدم اليقين على المستوى الاجتماعي والاقتصادي ونهج يُعاد صياغته فيما يتعلق بالتمويل من أجل التنمية – انعقد الاجتماع السنوي لفريق الأمم المتحدة القُطري في جمهورية مصر العربية، والذي جاء بمثابة لحظة شديدة الأهمية لإعمال التفكير وتجديد الالتزام بدفع الأولويات الوطنية وتسريع التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وعلى مدار يومين، انخرط المشاركون في سلسلة من النقاشات الاستراتيجية التي انصبت على المشهد العالمي والإقليمي المتغير على الصعيد الاجتماعي الاقتصادي والسياسي والأمني، وتأثيراتها بالنسبة إلى عمليات الأمم المتحدة في مصر. كما أتاحت الجلسات فرصة لإعادة تقييم التوجهات الحالية وبحث استراتيجيات جديدة لتحقيق أولويات إطار عمل الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة (UNSDCF) - وهو الأداة المركزية التي تُرشد عمل الأمم المتحدة الإنمائي في مصر – ودعم مصر لإحراز مزيد من التقدم على أجندة حقوق الإنسان.
وقد شهد الاجتماع الذي انعقد قبل أسابيع قليلة على المؤتمر الدولي الرابع للتمويل من أجل التنمية (FFDC4) المقرر في إشبيلية، بإسبانيا، مداخلة رفيعة المستوى من جانب الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بتمويل خطة التنمية المستدامة لعام 2030، والذي تحدث عن التحولات العالمية والاتجاهات الناشئة بالنسبة إلى مشهد تمويل التنمية وتأثيرات ذلك على مسار التنمية المستدامة في مصر.
لفت محيي الدين إلى عدد من التحديات القائمة بالنسبة إلى مصر والتي قال إنها تستلزم توجها جديدا شاملا للتنمية، لكنه سلط الضوء كذلك على مجموعة من المزايا الأساسية لمصر، فيما يتعلق بالتوطين والتكنولوجيا والبيانات، وفرصة البلاد في الاستفادة من العائد الديمغرافي. ووجه المسؤول الأممي الدعوة إلى جميع أصحاب المصلحة إلى الاستثمار في رأس المال البشري وفي البنية التحتية الرقمية في مصر، بالشراكة مع القطاع الخاص.
كما وسلطت النقاشات الضوء على دور الأمم المتحدة في دعم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل في مصر، وهي أداة أساسية لتعبئة الموارد وضمان اتساقها مع الأولويات الوطنية.
كذلك فقد كان تعميق التعاون مع كبار الشركاء في إطار عمل الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة على رأس أجندة الاجتماع، حيث تضمن نقاشا رفيع المستوى شمل سفراء ألمانيا وهولندا والنرويج وكندا، إلى جانب رئيس دائرة التعاون الإنمائي في الاتحاد الأوروبي ومدير بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مصر، النظر في تداعيات التخفيضات المعلنة في المساعدة الإنمائية الرسمية والتغيرات في أولويات الشركاء عالميا وفي مصر. كما تناولت الجلسة التطورات في بيئة التعاون الإنمائي وبحثت سبل تعزيز التأثير الجماعي.
وعلاوة على ذلك، فقد شهد الاجتماع نقاشا رفيع المستوى مع السفير أسامة عبد الخالق، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، والذي قدم للمشاركين في الاجتماع رؤى قيمة بشأن أولويات انخراط مصر في المشهد العالمي وفرص تعزيز التعاون مع منظومة الأمم المتحدة، بما في ذلك في مبادرة الأمم المتحدة 80.
وتضمنت الجلسات نقاشا تناول فيه فريق الأمم المتحدة في مصر سبل تكييف استراتيجيات التنسيق والشراكات لضمان استجابتها لتلك التغيرات. وقد شمل ذلك مراجعة لموقف الأمم المتحدة الاستراتيجي إزاء عمليات التحول الرئيسية في البلاد سلطت الضوء على الحاجة إلى وضع الشباب في صميم البرامج الأممية والدعوة إلى توسيع الحوار مع القطاع الخاص.
وعلى مدار جلسات الاجتماع العديدة والمتنوعة، اضطلع مكتب المُنسق المُقيم للأمم المتحدة بدور محوري في تسهيل الحوار والتنسيق الاستراتيجيين، مما أبرز قدرة منظومة المُنسق المُقيم على جمع الفاعلين المتنوعين وتحسين فعالية عمل الأمم المتحدة على المستوى القُطري.
وقالت المُنسقة المُقيمة للأمم المتحدة في مصر، إلينا بانوفا: "التحديات هائلة، لكن فقط بقدرتنا الجماعية على القيادة وبتضافر جهودنا حول الأولويات الوطنية الرئيسية، نستطيع تحقيق نتائج من أجل الأشخاص الذين نخدمهم. وسنواصل حشد منظومة الأمم المتحدة واستغلال قوتنا الجامعة وعملنا يدا بيد مع شركاء التنمية لدعم الحكومة المصرية في رحلتها من أجل تحقيق الإنجازات لشعبها. ويظل التزامنا واضحا: وهو ضمان ألا يتخلف أحد وراء الركب."