الأمين العام أمام مجلس الأمن: نواجه حالة طوارئ إنمائية، وأفضل وقاية هي الاستثمار في التنمية
٢٠ يونيو ٢٠٢٥
قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إنه بعد عقود من التقدم المطرد، "نواجه حالة طوارئ إنمائية الآن"، وإن "محرك التنمية متعثر". وشدد على أن الوقاية خير علاج لعدم الاستقرار والصراع، مضيفا أنه "ما من تدبير وقائي أفضل من الاستثمار في التنمية".
جاء ذلك في كلمة أمام اجتماع لمجلس الأمن الدولي عُقد اليوم الخميس بعنوان "الفقر، والتخلف التنمية، والصراع: الآثار المترتبة على صون السلام والأمن الدوليين"، حيث أكد غوتيريش أنه كلما ابتعد بلد ما عن التنمية المستدامة والشاملة، اقترب من عدم الاستقرار، بل وحتى من الصراع.
وأضاف: "عندما يُحرم الناس من الفرص. وعندما تُنتهك حقوق الإنسان ويستمر الإفلات من العقاب. وعندما تزدهر الجريمة والفساد. وعندما تُهجِر فوضى المناخ الناس وتُزعزع الاستقرار. وعندما يجد الإرهاب أرضا خصبة في المؤسسات الضعيفة، سرعان ما يُصبح السلام حلما بعيد المنال".
وقال إنه ليس من قبيل المصادفة أن تسعا من أصل عشر دول ذات أدنى مؤشرات للتنمية البشرية تعيش حاليا في حالة صراع.
"السلام لا يبنى في قاعات المؤتمرات"
وأكد أمين عام الأمم المتحدة أنه على مدار 80 عاما من عمر المنظمة، عملت الأمم المتحدة على تعزيز الركائز الثلاث وهي السلام والتنمية وحقوق الإنسان، مضيفا: "يستمر هذا العمل الحيوي اليوم".
وقال غوتيريش: "من خلال الخطة الجديدة للسلام، ومـيثاق المستقبل الذي اعتمدته الدول الأعضاء في أيلول/سبتمبر الماضي، فإننا نعزز هذا العمل".
وأوضح أن "التنمية تمنح السلام فرصة للنضال". لكنه حذر من أنه بعد عشر سنوات من اعتماد أهداف التنمية المستدامة، لا يزال تحقيق ثلثي هذه الأهداف متأخرا. وأشار إلى أن المؤتمر الرابع لتمويل التنمية، الذي يبدأ الأسبوع المقبل، سيكون لحظة مهمة للعالم لإصلاح محرك التنمية المتعثر وتدعيمه.
وختم غوتيريش كلمته بالقول: "لا يُبنى السلام في قاعات المؤتمرات. يُبنى السلام في الفصول الدراسية، والعيادات، والمجتمعات المحلية. يُبنى السلام عندما يمتلك الناس الأمل والفرصة ويملكون نصيبا من مستقبلهم. إن الاستثمار في التنمية اليوم يعني الاستثمار في مستقبل أكثر سلاما".
نقاط ضعف عميقة
مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة الإقليمية لآسيا والمحيط الهادئ في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كاني ويغناراجا، استشهدت في إحاطتها أمام المجلس بأحدث تقرير للتنمية البشرية صادر عن البرنامج قائلة إنه "لأول مرة منذ 35 عاما، تباطأ التقدم في التنمية البشرية بشكل ملحوظ، لدرجة أن أكثر من نصف أفقر دول العالم لم تتعاف بعد إلى مستويات ما قبل الجائحة".
وأوضحت أنه من غزة إلى ميانمار، ومن السودان إلى أفغانستان، يبدو أن الصراع يُؤثر سلبا على الناتج المحلي الإجمالي بسرعة، ويُفاقم الفقر واليأس.
ولفتت المسؤولة الأممية إلى أن التنمية البشرية العالمية تعثرت في الوقت الذي تصاعدت الصراعات العنيفة إلى مستويات لم نشهدها منذ ثمانية عقود، مضيفة: "هذه المصادفة لم تغب عنا، وليست عرضية، بل تعكس نقاط ضعف عميقة تركت دون معالجة".
UN Photo/Manuel Elías
مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة الإقليمية لآسيا والمحيط الهادئ في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كاني ويغناراجا.
أولويات ثلاث
وحددت ويغناراجا ثلاث أولويات استثمارية لكسر حلقة الفقر والصراع، أولها حماية الاقتصاد المنزلي، مشددة على أنه في البيئات الهشة، حيث يُزعزَع السلام والأمن، تصبح التنمية المحلية خط الدفاع الأول للشعوب وبقائها، وأملها في التعافي.
أما ثاني الأولويات، وفقا للمسؤولة الأممية، فهي معالجة أزمة المناخ عبر منظور الأمن البشري، محذرة من أن تغير المناخ هو "مضخم للأزمة" يعمل على تفاقم نقاط الضعف ويدفع الناس إلى التحرك بالملايين بحثا عن الأراضي الصالحة للزراعة والمأوى والغذاء والمياه.
وثالث الأولويات هي إدارة المخاطر العابرة للحدود، حيث استشهدت ويغناراجا بأحدث تقارير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة الذي يظهر العوامل المحفزة للنشاط غير القانوني عبر الحدود، باستخدام أجزاء من المناطق التي تقل فيها سيادة القانون والأمن.
ورغم هذه التحديات، أكدت ويغناراجا أن "هذا لا يعني الاستسلام. بل على العكس، يجب أن تبقى التنمية مشروعا عالميا متواصلا وهادفا".