كل ما تحتاج لمعرفته عن مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في شرم الشيخ
مؤتمر الأمم المتحدة في شرم الشيخ كان تتويجا لعام بارز على صعيد العمل العالمي لمكافحة الفساد ونتائجه ستُرشد المجتمع الدولي لسنوات قادمة.
جاء مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والذي انعقد في مدينة شرم الشيخ في الفترة من 13 إلى 17 كانون الأول/ديسمبر، تتويجا لعام بارز على صعيد العمل عالمياً لمكافحة الفساد، تخلله اجتماع قادة العالم في حزيران/يونيو في الدورة الاستثنائية الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNGASS)والتي أثمرت عن اعتماد إعلانٍ سياسيٍّ قوي لتكثيف إجراءات مكافحة الفساد وتسريع تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد - الأداة العالمية الوحيدة الملزمة قانونًا ضدّ هذه الجريمة.
ويعدّ مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد علامةً فارقة عالمية لتحسين التعاون الدولي ضدّ الفساد ومساعدة العالم على التعافي بنزاهة من الوباء، حيث عملت الدورة التاسعة للمؤتمر على تدعيم الجهود المبذولة لاستعادة الأمانة العامة، وتمتين المؤسسات الفعالة، وتعزيز التنمية المستدامة، والتعافي بنزاهة من جائحة كوفيد-19 وضمان الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
وافتتحت الدورة التاسعة للمؤتمر برسالة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالفيديو، وكلمات ألقاها رئيس وزراء مصر مصطفى مدبولي، ورئيس الدورة الثامنة للمؤتمر حارب العميمي من دولة الإمارات العربية المتحدة، ورئيس الدورة التاسعة حسن عبد الشافي من مصر، والمدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) غادة والي.
إحياء الأمل من جديد واستعادة الثقة في المؤسسات
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في رسالته عبر الفيديو ان "معالجة الفساد مسألة حاسمة لحماية حقوق الإنسان وتعزيز المحاسبة الديمقراطية، وهي تمثل خطوة مهمة نحو التنمية الشاملة والمستدامة... يُعد هذا المؤتمر فرصتنا لنوحد قوانا ونعزز التعاون ونسرع العمل العالمي ضد الفساد. لنُحيي الأمل من جديد ونستعيد الثقة في المؤسسات. الآن هو وقت التحرك من أجل مستقبل أكثر أماناً وازدهاراً وإنصافاً."
ووصفت المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الجائحة بأنها "نداء صحوة عالمي" لدعم النزاهة. وقالت في كلمتها الافتتاحية: "يخسر العالم تريليونات الدولارات سنوياً بسبب الفساد، في وقت نحتاج فيه لكل دولار من أجل زيادة الاستثمارات العامة... وكما يتسبب الفساد في تعريض الأشخاص للمصاعب، فإنه يُساهم كذلك في تميكن المجرمين والمهربين والإرهابيين."
حضور كبير في مصر وعبر الإنترنت وأكثر من 70 فعالية جانبية
وقد سجل نحو 2,133 من المشاركين من الحكومات والمنظمات الإقليمية والحكومية الدولية والمجتمع المدني والمجتمع الأكاديمي والقطاع الخاص، من أكثر من 150 دولة، للمشاركة شخصيا وافتراضيا في أعمال الدورة التاسعة التي استمرت على مدار أسبوع في شرم الشيخ.
وشهد المؤتمر تنظيم أكثر من 70 فعالية جانبية، بما في ذلك أربع فعاليات قبيل انطلاقة المؤتمر، وذلك على هامش الدورة، تضمنت جلسات نقاشية حول قضايا الفساد والنوع الاجتماعي والرعاية الصحية وكوفيد-19 والرياضة والتعليم والشباب. كما وكانت الفرق الخمسة الفائزة في هاكاثون Coding4Integrity الذي نظمه مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، من مصر وكينيا ونيجيريا والسنغال وجنوب أفريقيا، حاضرة كذلك خلال الدورة.
نتائج سترشد جهود المجتمع الدولي لمكافحة الفساد لسنوات لقادمة
تبنى المؤتمر إعلان شرم الشيخ وكذلك سبعة قرارات أخرى واتفاق بشأن الدولة المضيفة للدورة العاشرة للمؤتمر العالمي لمكافحة الفساد.
ويبرز اعتماد إعلان شرم الشيخ – أول قرار من نوعه يُركز على مكافحة الفساد في أوقات الطوارئ وفي أثناء الاستجابة للأزمات والتعافي منها - المخاطر المتزايدة للفساد ممثلة في الإنفاق الاقتصادي والإغاثة الصحية، والدعوات للدول الأعضاء بجمع أفضل الممارسات والتحديات، بهدف تطوير دلائل إرشادية لتعزيز التعاون لمنع الفساد وتحديده والتحقيق فيه وملاحقته في أوقات الطوارئ وفي أثناء الاستجابة والتعافي من الأزمات.
مؤتمر الدول الأطراف #CoSP9 في 🇪🇬 يعتمد في جلسته الختامية "#إعلان_شرم_الشيخ"، وهو أول قرار من نوعه يُركز على #مكافحة_الفساد في أوقات الطوارئ وفي أثناء الاستجابة للأزمات والتعافي منها.
— UNIC Cairo (@UNICCairo) December 17, 2021
تابعوا الجلسة الختامية هنا👇🔴https://t.co/B34GsqMxxQ pic.twitter.com/R4pxzfcOYz
وبحسب المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، غادة والي، "سوف يُرشد إعلان شرم الشيخ حول مكافحة الفساد في أوقات الأزمات عملية التعافي بنزاهة من الجائحة، وسيساعد الدول على أن تكون على أُهبة الاستعداد لطوارئ الغد."
وتتصدى القرارات الأخرى التي تم تبنيها لمسائل أساسية مثل الملكية النفعية في استرداد الأصول، والتعاون الدولي والإقليمي، والتعليم وتمكين الشباب، وتعزيز التعاون فيما بين المؤسسات الرقابية وسلطات مكافحة الفساد. كما وجرى اعتماد قرار للمتابعة بشأن الإعلان السياسي الصادر عن أول دورة استثنائية للجمعية العامة لمكافحة الفساد في حزيران/ يونيو.
حماية الرّياضة من الفساد
الفساد في الرياضة كان من القضايا الرئيسية على أجندة المؤتمر، إدراكا للتهديدات التي تواجهها الرياضة من الفساد المتفشّي والجريمة الّذين يسبّبان تخفيض مساهمتها الإيجابيّة في المجتمع وفي حياتنا. وحذر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة من أن "مصداقيّة الرّياضة على المحكّ" ما لم تبذل الجهود لمكافحة الرّهانات غير القانونيّة، والتّلاعب بالمسابقات، وسوء التّعاطي في الرّياضة، والفساد في الأحداث الرّياضيّة الرّئيسيّة، وتورّط الجريمة المنظّمة في الرّياضة، وغيرها من الأنشطة غير المشروعة.
وقد أبرز الإعلان السياسي للجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة في دورتها الخاصّة لمكافحة الفساد حاجة المنظّمات الرّياضيّة والمنظّمات الدّوليّة والإقليميّة والأشخاص المكلّفين لتنفيذ القانون إلى التّعاون سويّا لمكافحة الفساد بشكل فعّال.
وسلطت فعاليات المؤتمر الضوء على الإجراءات التي يجب اتخاذها ليكون التّعاون الوطني بين أجهزة تنفيذ القانون، وسلطات العدالة الجنائيّة، والمنظّمات الرّياضيّة أكثر فعاليّة، كما أبرز أهمية زيادة تبادل المعلومات من أجل الكشف عن الفساد في الرياضة والإبلاغ عنه ومنع التلاعب بالمسابقات.
فقط بالسياسات القوية ضد #الفساد، والتعاون الدولي والممارسات الجيدة فيما بين المنظمات الرياضية يُمكن مكافحة الأنشطة الإجرامية في #الرياضة.
— UNIC Cairo (@UNICCairo) December 14, 2021
حماية الرياضة من الفساد موضوع أساسي على أجندة #CoSP9
👇👇👇https://t.co/euHQTtPBOX#UnitedAgainstCorruption pic.twitter.com/zMFoyzyPwU
معالجة الأبعاد الجنسانية للفساد
الفساد يضرّ بالناس من جميع الأجناس لأنه يضعف الثقة بالمؤسسات ويقوّض أسس الديمقراطية والاقتصاد الفعّال. ومع ذلك، فإن الفساد يؤثر على النساء والرجال بطرق مختلفة. غالبًا ما تجعل نتائج الفساد المرأة أكثر ضعفاً، مما يجعلها مستبعدة عن أدوار اتخاذ القرار ويحدّ من فرصها في التقدم على الصعيدين التربوي والاقتصادي.
وقد تشكل في مؤتمر الدول الأطراف فريق رفيع المستوى حول "القيادات النسائية في النزاهة: اعتبارات من أجل التعافي الشامل" مع المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، غادة والي. كما تمّ عقد العديد من الأحداث الجانبية المتعلقة بالنوع الاجتماعي والفساد:
- الأشكال المعاصرة للرقّ ومكافحة الفساد: دراسة العلاقات ومعالجة الثغرات السياسية، التي نظمتها ليختنشتاين مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي؛
- تشكيل المستقبل: ترسيخ النوع الاجتماعي في عملية مؤتمر الدول الأطراف"، الذي نظمته ألمانيا بالاشتراك مع السويد ونيجيريا؛
- "النساء كمحفّزات للأعمال العادلة والأخلاقية"، الذي نظمه المركز الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بانكوك.
حماية #الرياضة من #الفساد كانت موضوعا لإحدى جلسات اليوم في #CoSP9.
— UNIC Cairo (@UNICCairo) December 14, 2021
على الحكومات والمنظمات والرياضيين أن يكونوا متحدين على مكافحة الفساد وأن يجعلوا النزاهة في صلب الأولويات.
اعرفوا أكثر👈https://t.co/euHQTtPBOX#UnitedAgainstCorruption pic.twitter.com/AQcKLMytdC
التعافي بنزاهة من جراء الوباء
لقد شكّلت جائحة الكوفيد-19 حالة طوارئ غير مسبوقة بالنّسبة للمجتمع الدّولي كما أنّها أثّرت على كلّ جانب من جوانب المجتمع تقريبا وأتاحت بذلك إلى اختلاق فرص لازدهار الفساد.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فقد قامت الحكومات بتخصيص موارد هائلة للاستجابة لهذا الوباء وللتحديات الاقتصاديّة الناتجة عنه على الرّغم من أنّه كان عليها العمل بسرعة في ظلّ هذه الأزمة المستجدّة. فيحتّم على الدوّل الأعضاء اتّخاذ إجراءات سريعة لمكافحة الفساد والخروج أقوى وأكثر مرونة من جائحة كوفيد- 19 نظرا لازدهار الفساد في مثل أوقات الطوارئ الطبيّة والاقتصاديّة هذه حيث يعمّ الارتباك وتنتشر الفوضى.
الشباب.. دور حاسم في بناء أكثر عدلا وإنصافا
يسرق الفساد مستقبل الشباب، فهو يؤثر على آفاقهم في المستقبل اللائق وفرص التوظيف، فضلاً عن إعاقة الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية الأخرى. لذلك فإنّ مصلحة 1.8 مليار من الشباب في العالم تكمن في مكافحته.
في المؤتمر، أطلق مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) مبادرةً عالميةً جديدة تركّز على تعليم الشباب، GRACE. تهدف هذه المبادرة إلى تمكين الجيل القادم من التصرف بنزاهة وأن يكون أقلّ تسامحًا مع الفساد والممارسات غير الأخلاقية.
إنّ مبادرة GRACE، المورد العالمي للتعليم لمكافحة الفساد وتمكين الشباب، ستساعد الدول الأعضاء على دمج مكافحة الفساد والنزاهة والأخلاق في مناهج التعليم الوطنية للمدارس الابتدائية والثانوية. وستعزّز التدريس والبحث على المستوى الجامعي في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والمدارس الصيفية لمكافحة الفساد من خلال إعطاء منح للطلاب ووضع برنامج زمالة عالمي لمكافحة الفساد. وستنشئ مجلسًا استشاريًا للشباب يتألّف من سفراء شباب لتمكين هذه الفئة العمرية من عرض وجهات نظرهم وآرائهم حول طرق معالجة الفساد.