في احتفال مصر والأمم المتحدة بالذكرى الـ77 لإنشاء المنظمة الأممية: تأكيد مشترك على ضرورة العمل الآن لإنقاذ كوكبنا وتحقيق الأهداف العالمية
استضافت حديقة الأورمان، إحدى أقدم الحدائق العامة في مصر، احتفالية يوم الأمم المتحدة، في رسالة تأكيد على حق الأجيال القادمة في بيئة نظيفة ومستدامة.
القاهرة - بمشاركة وزير الخارجية المصري سامح شكري، والمُنسقة المُقيمة للأمم المتحدة في مصر، إلينا بانوفا، احتفلت وزارة الخارجية المصرية وأسرة الأمم المتحدة في مصر بيوم الأمم المتحدة، من خلال فعالية خضراء استضافتها حديقة الأورمان، إحدى أقدم الحدائق العامة في مصر، في رسالة تأكيد على حق الأجيال القادمة في بيئة نظيفة ومستدامة.
أقيمت الاحتفالية تحت عنوان "الاحتفال بيوم الأمم المتحدة من خلال التضامن والاستدامة والعلوم"، وذلك اتصالاً بالذكرى السابعة والسبعين لإنشاء منظمة الأمم المتحدة، وتماشيا مع قرب انعقاد الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP27 في مدينة شرم الشيخ. كما وسلطت الاحتفالية الضوء على 77 عاما من الشراكة التاريخية والوثيقة بين الأمم المتحدة ومصر، العضو المؤسس للأمم المتحدة.
ويُزامن يوم الأمم المتحدة، الذي يقع في 24 أكتوبر، الذكرى السنوية لدخول ميثاق الأمم المتحدة حيز التنفيذ في عام 1945. وبتصديق غالبية الموقعين هذه الوثيقة التأسيسية، بمن فيهم الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن، ظهرت الأمم المتحدة رسميًا على الساحة الدولية.
بدأت الاحتفالية بعرض رسالة الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو جوتيريش، بالفيديو بمناسبة يوم الأمم المتحدة، والتي دعا فيها إلى تجديد أملنا وقناعتنا بما يمكن للبشرية أن تحقّقه عندما نعمل جميعا كيدٍ واحدة بروح من التضامن العالمي.
معالجة أزمة المناخ ضرورة لصون السلم والأمن الدوليين
وفي كلمته للاحتفالية، أشاد وزير الخارجية سامح شكري بـ "الدور المحوري" الذي تضطلع به منظومة الأمم المتحدة منذ عقود على صعيد العمل الدولي متعدد الأطراف في مجالات شتى وعلى رأسها صون الأمن والسلم الدوليين، والذي قال إنه أصبح ضرورة ملحة مرتبطة بأزمة التغير المناخي. وقال: "لقد بات واضحا أن الأزمات البيئة التي يشهدها العالم من ندرة في الموارد المائية وتصحر للأراضي الزراعية وتدهور لجودة التربة ونقص الغذاء وتعطل سلاسل الإمداد وما لذلك من تأثير على تدفق اللاجئين وتزايد موجات الهجرة تعد جميعها قضايا متصلة بالسلم والأمن الدوليين."
ولهذا فإن مؤتمر COP27 الذي تستضيفه مصر خلال أيام معدودة، "يأتي في وقت بالغ الدقة نظرا للآثار المناخية السلبية الجسيمة التي أصبحنا نعاني منها جميعا. وتؤكد الرئاسة المصرية للمؤتمر على أن نجاح مؤتمر شرم الشيخ لن يتحقق سوى بتضافر كافة الجهود من كافة الأطراف بهدف العمل على رفع الطموح في مختلف مكونات العمل المناخي واستدامة تمويله."
لا سبيل لتأجيل أو تأخير العمل المناخي
كما أعرب وزير الخارجية المصري عن أمله بأن يمثل المؤتمر خطوة على طريق استعادة الثقة لكافة الأطراف والعمل على تلبية الاحتياجات الفعلية لاسيما للدول النامية على طريق تحقيق أهداف اتفاق باريس والانتقال العادل بهدف القضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة الشاملة.
وشدد وزير الخارجية المصري، الرئيس المعين لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في كلمته على أن "ما شهده العالم من أزمات في مجالات الطاقة والمياه والضغوط الاقتصادية لمتصاعدة على مدار الأشهر الماضية لن يحيد بنا عن استكمال مساعينا لمواجهة تغير المناخ وآثاره فكوكبنا لم يعد يحتمل ترف التأجيل أو التأخير. ولا يمكن لنا في هذه اللحظة الفارقة أن نتراجع عن مكتسبات حققناها على صعيد الوصول لأهداف باريس والانتقال العادل إلى الطاقة الجديدة فلن نحصل على وقت إضافي ولن تتاح لنا فرصة أخرى فلننفذ الآن."
ونبه شكري إلى أن الاحتفال بيوم الأمم المتحدة لهذا العام يأتي في وقت يشهد فيه العالم تحديات مركبة من استمرار التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا ثم التداعيات المترتبة على الأزمة الجيوسياسية في أوروبا، وما صاحبها من تأثير على بلوغ أهداف التنمية المستدامة وتحقيق نتائجها المرجوة. وقال إن مصر باعتبارها إحدى الدول المؤسسة لمنظمة الأمم المتحدة تشارك الأسرة الدولية في دعم المنظمة وتحقيق أهدافها منذ عقود. وأوضح أن مصر تولي أهمية خاصة لمسار إصلاح منظومة الأمم المتحدة وتدعم دبلوماسيتها النشطة مبادرات السكرتير العام في هذا الصدد. "فبدون إصلاح حقيقي للعمل متعدد الأطراف وتطوير آلياته، ستظل الحوكمة الدولية محدودة التأثير وقاصرة عن إيجاد حلول عاجلة وغير تقليدية للأزمات غير المسبوقة التي باتت تهدد النظام العالمي واستقراره."
ومصر هي عضو مؤسس للأمم المتحدة، ومنذ العام 1945 ومصر باعتراف أممي ودولي، هي شريك قوي في العمل متعدد الأطراف، فهي سادس أكبر الدول المساهمة بقوات لحفظ السلام، كما وكانت عضوا منتخبا بمجلس الأمن خمس مرات. كذلك ترأست مصر العديد من لجان الأمم المتحدة، من بينها مجموعة الـ77 والصين بالأمم المتحدة في نيويورك في 2018، وفي روما في 2019. كذلك تستضيف مصر نحو 38 مكتبا من مكاتب الأمم المتحدة ويمكن اعتبارها إحدى أكبر المراكز الإقليمية للمنظمة الأممية.
كما وتُعد مصر من أوائل الدول التي تبنت أجندة 2030 للتنمية المستدامة وأهدافها الـ17، معتبرة أن دعم منظومة الأمم المتحدة للحكومة المصرية من أجل تحقيق تلك الأهداف يُشكل حجر الزاوية في الشراكة بين مصر والأمم المتحدة.
ترسيخ العمل المناخي في مصر وتعزيز دور الشباب
وقالت السيدة بانوفا، إن "تغير المناخ هو القضية الحاسمة في عصرنا،" مضيفة أن التنمية وتغير المناخ مرتبطان بشدة. وأهداف التنمية المستدامة واتفاق باريس وجهان لعملة واحدة. فهما يستندان إلى الاعتراف بأنه لا يُمكننا الفصل بين القضاء على الفقر والعمل المناخي والاستدامة."
وأوضحت أن الأمم المتحدة في مصر عملت عن كثب مع الحكومة المصرية لدعم استعداداتها لاستضافة مؤتمر الأطراف، وبخاصة فيما يتعلق بالمبادرات التي تعتزم الرئاسة المصرية إطلاقها خلال قمة المناخ في شرم الشيخ. وفضلا عن هذا – والحديث للمسؤولة الأممية – تدعم منظومة الأمم المتحدة في مصر الجهود لترسيخ العمل المناخي في الأجندة المحلية وتعزيز دور الشباب خلال مؤتمر الأطراف.
ولفتت المُنسقة المُقيمة للأمم المتحدة في مصر أن لدى مصر واحد من أكثر برامج التنمية الريفية طموحا على مستوى القارة الأفريقية – المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" – والتي تسعى إلى تحسين حياة 60 مليون مصري. وقالت: "قدمنا للحكومة المصرية نهجنا المشترك لدعم مبادرة حياة كريمة، ونتيجة لذلك تعمل وكالات الأمم المتحدة بشكل مباشر في أكثر من 70 في المائة من المناطق التي تشملها المبادرة."
أما الدكتورة أمنية العمراني، مبعوثة رئيس مؤتمر المناخ COP27 للشباب، فأكدت في كلمة لها في الاحتفالية على أهمية دور الشباب في التصدي لتغير المناخ، لافتة إلى أن الأطفال والمراهقين والشباب من أكثر الفئات تأثرا بأزمة المناخ، صحيا وتعليميا. وقالت إنه لأول مرة خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، استحدثت الرئاسة المصرية للمؤتمر منصب مبعوث رئيس المؤتمر للشباب، والذي يسعى لأن يكون حلقة وصل بين المؤتمر والشباب حول العالم، بحيث يعكس أصواتهم ورؤاهم واحتياجاتهم من أجل إحداث نقلة في مشاركة الشباب في مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ. كما سلطت الضوء على تخصيص جناح للأطفال والشباب لأول مرة في مؤتمر شرم الشيخ بهدف خلق حوار بين الأجيال وصناع السياسات والشباب.
تشجيع العمل الفردي من أجل كوكبنا
شهدت الاحتفالية قيام وزير الخارجية المصري سامح شكري والمُنسقة المُقيمة للأمم المتحدة في مصر، بزراعة شجرة داخل حديقة الأورمان، تعبيرا عن أهمية تعزيز العمل المناخي قبيل قمة المناخ. كما تسلم المشاركون في الاحتفالية شتلات أشجار تشجيعا للعمل الفردي من أجل كوكبنا. ويتفق هذا مع حملة الأمم المتحدة العالمية "اعملوا الآن"، والتي تشجع العمل الفردي بشأن تغير المناخ والاستدامة. وتنبه الحملة إلى أنه يمكن لكل فرد منا المساعدة في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري والعناية بكوكبنا؛ ومن خلال اتخاذ خيارات ذات تأثيرات أقل ضررًا على البيئة، يمكننا المساهمة في إيجاد الحلول والتأثير في إحداث التغيير.
واستمتع الحضور في ختام الاحتفالية بعروض موسيقية قدمتها فرق موسيقية تتألف من لاجئين ومهاجرين من جنسيات عربية وأفريقية مختلفة، حيث ركزت على قيم السلام والتضامن والعيش المشترك.
كما وتجدر الإشارة إلى أنه في إطار احتفالات مصر والأمم المتحدة بالذكرى السنوية الـ77 لإنشاء الأمم المتحدة، أضاءت وزارة الخارجية مقرها الذي يطل على الضفة الشرقية لنهر النيل في وسط القاهرة، يوم 24 أكتوبر الجاري، بأحرف UN77 على امتداد مقرها البارز.