الولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد مشروع قرار يطالب بالوقف الإنساني لإطلاق النار في غزة
21 February 2024
استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار مقدم من الجزائر يطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية. حصل مشروع القرار على تأييد 13 عضوا- من بين أعضاء المجلس الخمسة عشر- فيما عارضته الولايات المتحدة الأمريكية وامتنعت المملكة المتحدة عن التصويت.
مشروع القرار كان يرفض التهجير القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين، ويكرر مطالبة جميع الأطراف بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي. ويطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن.
وجدد المشروع دعوته إلى وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ودون عوائق إلى قطاع غزة وجميع أنحائه وتقديم ما يكفي من المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ومستمر وبالحجم المناسب إلى المدنيين الفلسطينيين.
متحدثا قبل التصويت، قال السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع إن مشروع القرار كان نتاجا لمناقشات مستفيضة. وشدد على ضرورة ألا يكون المجلس سلبيا في مواجهة ما يجري في غزة.
وأضاف قائلا: "طوال هذه العملية، سمعنا دعوات لإعطاء الوقت لمسار موازٍ، مع إثارة مخاوف من أن أي إجراء من جانب المجلس من شأنه أن يعرض هذه الجهود للخطر، ولكن بعد مرور شهر تقريبا على صدور أوامر محكمة العدل الدولية، لا تزال بوادر الأمل غائبة بشأن تحسين الوضع في غزة". وأضاف أن الصمت ليس خيارا، مضيفا: "الآن هو وقت العمل ووقت الحقيقة".
UN Photo
وبعد التصويت أعرب السفير بن جامع عن أسفه إزاء "فشل مجلس الأمن مرة أخرى في أن يرتقي إلى مستوى نداءات الشعوب وتطلعاتها. هذا الفشل لا يعفيه من القيام بمسؤولياته، ولا يعفي المجموعة الدولية من واجباتها تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل".
وشدد بن جامع على أن الوقت قد حان "لكي يتوقف العدوان"، ويتم تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء غزة. وأضاف أن وقف إطلاق النار وحده هو ما يحقق الهدف المنشود، مشيرا إلى أن قراري مجلس الأمن السابقين 2712 و2720 لم يحققا النتائج المرجوة.
وأضاف أن رسالة بلاده هي أنه يتعين على المجموعة الدولية أن تتجاوب مع مطالب وقف القتل الذي يستهدف الفلسطينيين، من خلال المطالبة بوقف إطلاق النار فورا، مشيرا إلى أن "على من يعرقل ذلك أن يراجع سياساته وحساباته لأن القرارات الخاطئة اليوم تحصد منطقتنا والعالم نتائجها غدا، عنفا وعدم استقرار".
وقال بن جامع "اسألوا أنفسكم وضمائركم عن نتيجة قرارتكم وكيف سيحكم التاريخ عليكم". وقال الممثل الدائم للجزائر إن بلاده ستعود لتدق أبواب المجلس، "وتطالب بوقف حمام الدم في فلسطين، ولن نتوقف حتى يتحمل هذا المجلس كامل مسؤولياته ويدعو لوقف إطلاق النار".
الولايات المتحدة الأمريكية
UN Photo/Manuel Elías
قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد إن مشروع القرار الذي عُرض على المجلس، لم يكن ليحقق هدف السلام المستدام بل وقد يتعارض مع ذلك. وأضافت أن "المضي قدما في التصويت اليوم كان مجرد تمنيات وغير مسؤول".
وأشارت السفيرة الأمريكية إلى المفاوضات الدائرة حول إطلاق سراح الرهائن، ومشروع القرار الأمريكي الذي من المتوقع أن يُعرض للتصويت لاحقا أمام المجلس: "بينما لا يمكننا دعم قرار من شأنه أن يعرض المفاوضات الحساسة للخطر، فإننا نتطلع إلى المشاركة في نص (مشروع قرار) نعتقد أنه سيعالج الكثير من المخاوف التي نشترك فيها جميعا، وهو نص يمكن وينبغي أن يعتمده المجلس بحيث يمكننا التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في أقرب وقت ممكن بناء على صيغة تتضمن إطلاق سراح جميع الرهائن".
وأكدت أن وقف إطلاق النار المؤقت- الذي يتضمنه مشروع القرار الجديد- أمر بالغ الأهمية لإيصال المساعدات إلى المدنيين الفلسطينيين الذين هم في أمس الحاجة إليها. وشددت على أنه ينبغي التطلع إلى ذلك النص حتى "نتمكن أخيرا من إدانة حماس بسبب هجماتها المروعة في 7 تشرين الأول/أكتوبر"، وتمكين كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، سيخريد كاخ، لأن نجاحها يعني نجاح الأمم المتحدة.
وأشارت كذلك إلى أن ذلك سيُمَكن من خلق مستقبل يعيش فيه الإسرائيليون والفلسطينيون كل في دولته جنبا إلى جنب في سلام. وأوضحت السفيرة الأمريكية أن بعثة بلادها لدى الأمم المتحدة ستعمل بشكل بناء مع الجميع بشأن مشروع القرار الأمريكي في الأيام المقبلة.
الصين
UN Photo
أعرب السفير جانغ جون الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة عن خيبة أمل بلاده وعدم رضاها بشأن نتيجة التصويت. وقال إن "ما دعا إليه مشروع القرار المقدم من الجزائر نيابة عن مجموعة الدول العربية، قائم على أدنى متطلبات الإنسانية وكان يستحق دعم جميع أعضاء المجلس".
وذكر أن نتيجة التصويت تظهر بشكل جلي أن المشكلة تتمثل في استخدام الولايات المتحدة للفيتو بما يحول دون تحقيق إجماع في المجلس. وأضاف أن الفيتو الأمريكي يوجه رسالة خاطئة تدفع الوضع في غزة ليصبح أكثر خطورة.
ورفض السفير الصيني "الادعاء" بأن مشروع القرار يقوض المفاوضات الجارية لإطلاق سراح الرهائن. وقال "بالنظر إلى الوضع على الأرض فإن استمرار التجنب السلبي للوقف الفوري لإطلاق النار لا يختلف عن منح الضوء الأخضر لاستمرار القتل".
روسيا
UN Photo/Eskinder Debebe
السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا قال إن "الولايات المتحدة تسعى إلى التستر على أقرب حليف لها في الشرق الأوسط وكسب الوقت حتى يتمكن من استكمال خططه غير الإنسانية في غزة لإخراج الفلسطينيين من القطاع وتطهيره بشكل كامل".
وأضاف أن المسؤولية الكاملة عن العواقب تقع على عاتق واشنطن، مهما حاولت الولايات المتحدة "التهرب منها من خلال الحديث عن جهود الوساطة المهمة" التي تقوم بها.
وقال إنه بغض النظر عن مدى مرارة "الطعم" الذي سيخلفه تصويت اليوم، "فنحن لسنا في وضع يسمح لنا بالاستسلام"، مضيفا أن مطالبة المجلس للأطراف بوقف فوري لإطلاق النار تظل ضرورة حتمية.
دولة فلسطين
UN Photo/Eskinder Debebe
السفير رياض منصور، المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة قال إن استخدام حق النقض ضد مشروع القرار هذا ليس أمرا مؤسفا فحسب، وإنما أيضا هو "أمر متهور وخطير للغاية، فهو يحمي إسرائيل مرة أخرى حتى عندما ترتكب أكثر الجرائم إثارة للصدمة، بينما يعرض الملايين من المدنيين الفلسطينيين الأبرياء لغضبها والمزيد من الفظائع التي لا توصف".
وأضاف أن إسرائيل ليست هي من ينبغي أن تحظى بحماية حق النقض، بل إن الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين هم الذين يجب أن يتمتعوا بالحماية من خلال تحرك هذا المجلس الآن.
وأكد أنه فقط من خلال وقف إطلاق النار "يمكننا أن نعطي فرصة للحياة"، ولتنفيذ قراري مجلس الأمن 2712 و2720، ولوصول المساعدة الإنسانية إلى الملايين من الأشخاص اليائسين المحتاجين، وللسماح للأونروا ووكالات الأمم المتحدة الأخرى لإيصال المساعدات المنقذة للحياة، "وفرصة لجهودنا الجماعية لرسم طريق نحو العدالة والسلام".
وشدد على أنه بدون وقف إطلاق النار، "لن تنتهي أي من الفظائع، وستستمر إسرائيل في نشر الموت والدمار والخراب".
ونبه منصور إلى أن مجلس الأمن، بفشله في المطالبة بوقف إطلاق النار، "فإنه لن يعتبر مقصرا في أداء واجباته فحسب، بل سيعتبر أيضا عاملا في تمكين ارتكاب أفظع الجرائم التي نشهدها في هذه الأيام في غزة".
وقال سفير دولة فلسطين إن هذا الفيتو لا يعفي إسرائيل من التزاماتها ولا من يحميها، لا في مجلس الأمن، أو في محكمة العدل الدولية، أو في أي مكان آخر، مضيفا أنه "حتى لو استمر مجلس الأمن في التنصل من مسؤولياته، وعرقلته بحق النقض الذي يمارسه عضو دائم مرارا، فإن الأجهزة الأخرى في النظام الدولي تتمسك بمسؤولياتها. وفي يوم أو آخر، لن يُنظر إلى الأطفال الفلسطينيين على أنهم تهديد ديموغرافي، ولكن كأطفال لهم الحق في الحياة وتحقيق آمالهم وأحلامهم".
إسرائيل
UN Photo/Manuel Elías
من جانبه، قال السفير الإسرائيلي جلعاد إردان إن وقف إطلاق النار في غزة سيحقق "شيئا واحدا فقط هو بقاء حماس وسيمثل حكما بالإعدام على العديد من الإسرائيليين والغزاويين".
وأضاف أن وقف إطلاق النار اليوم من شأنه أن يبقي حماس في السلطة ويسمح للحركة بإعادة تنظيم صفوفها، وبذلك ستكون "محاولتها التالية لارتكاب إبادة جماعية ضد الإسرائيليين مجرد مسألة متى وليس إذا ما كانت ستحدث".
وقال السفير الإسرائيلي إن "الجهاديين" في جميع أنحاء العالم يرون أن الهيئة المكلفة بدعم الأمن الدولي "مستعدة للسماح للمغتصبين القتلة من حماس بمواصلة عهد الإرهاب"، مضيفا أن إسرائيل تسعى أيضا إلى وقف إطلاق النار، "ولكن هناك صيغة واحدة فقط نحن على استعداد لقبولها: يجب إطلاق سراح جميع رهائننا ويجب على حماس تسليم نفسها".
وقال إردان إن مجلس الأمن والأمم المتحدة فشلا باستمرار في إدانة حماس، وأضاف: "في يوم من الأيام، عندما يدرس المؤرخون أسباب فقدان الأمم المتحدة لمكانتها ونفوذها، فإن عجز هذه المنظمة عن إدانة الإرهابيين الذين يذبحون الأطفال سيكون أحد العوامل الدافعة لذلك".
وكرر السفير الإسرائيلي ادعاءات بلاده ضد الأونروا وموظفيها، زاعما أن 12 بالمئة من موظفيها في غزة أعضاء في حركتي حماس والجهاد الإسلامي. وقال: "لقد أثبتت الأونروا أنها جزء أساسي من آلة حماس الإرهابية، الأمر الذي يجعل الأونروا نفسها منظمة إرهابية".
جدير بالذكر أن وكالة الأونروا تشارك بشكل دوري ومنتظم أسماء موظفيها مع السلطات المعنية، بما في ذلك السلطات الإسرائيلية. ولم تتلق الأونروا من قبل أي تعليق من إسرائيل على تلك القوائم.
وأضاف السفير الإسرائيلي أنه لا يمكن الوثوق بأي بيانات أو أرقام تقدمها الأمم المتحدة، وقال: "في غزة، حماس هي الأمم المتحدة والأمم المتحدة هي حماس" حسب تعبيره.
يُذكر أن الأمم المتحدة في غزة، كما هو الحال في أي مكان آخر بالعالم، تعمل باستقلالية ونزاهة تامة لخدمة المدنيين مسترشدة بمبادئها الواضحة.
وفيما يخص لبنان، قال إردان إن حزب الله استهدف شمال إسرائيل بألفي صاروخ وقذيفة مما أدى إلى نزوح نحو مائة ألف شخص. وقال إن "الوقت ينفد" قبل أن تضطر بلاده إلى اتخاذ "إجراءات حاسمة" لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 – الذي أنهى حرب عام 2006 بين الطرفين، مؤكدا أن الأمر "ليس مسألة سنوات، بل أسابيع".
وقال إن وقف إطلاق النار في غزة لن يكون "مدمرا لإسرائيل والفلسطينيين" فحسب، بل سيضمن "غض الطرف عما يتكشف في بقية المنطقة". ودعا المجلس إلى الوقوف إلى جانب إسرائيل "ضد قوى الشر ومواجهة الواقع. فالحقيقة لا يمكن العثور عليها عندما يدفن المرء رأسه في الرمال".
قطر
UN Photo/Manuel Elías
متحدثة باسم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أعربت مندوبة قطر الدائمة لدى الأمم المتحدة، السفيرة علياء أحمد بن سيف آل ثاني عن أسفها لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع القرار المقدم من الجزائر والمدعوم من المجموعة من العربية، "وتؤيده الأغلبية الساحقة من أعضاء المجلس، لأنه مشروع قرار إنساني في مضمونه ويتسق مع القانوني الدولي الإنساني".
وأضافت قائلة: "ستستمر دولنا في جهودها في العمل مع الشركاء... لضمان الوصول إلى وقف إطلاق نار إنساني في قطاع غزة، حقنا لدماء أشقائنا الفلسطينيين في القطاع ولضمان وصول المزيد من المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع وحماية المدنيين".
مصر
UN Photo/Manuel Elías
عبر السفير أسامة عبد الخالق، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة عن إحباط وخيبة أمل بلاده إزاء ما وصفه باستمرار عرقلة الولايات المتحدة الأمريكية لمساعي وقف إطلاق، مناشدا مجلس الأمن وكل القوى الدولية المسؤولة "إنقاذ خيار السلام عبر الإنفاذ الفوري لوقف إطلاق النار".
وقال عبد الخالق إنه بينما يتواصل إخفاق المجلس في إيقاف الحرب، ستستمر مصر في تحمل العبء الأكبر سياسيا وأمنيا وإنسانيا تجاه الأزمة.
وأضاف أن بلاده "ستظل ملتزمة بالعمل المضني والمتواصل لإيقاف نزيف الدماء والحرب المدمرة" لاستعادة الأفق السياسي لتحقيق آمال الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي في الأمن والاستقرار وفقا لقرارات الشرعية الدولية وإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأكد السفير المصري أن بلاده تتفاوض وتتوسط بمنتهى الجدية مع كل من الولايات المتحدة وقطر وإسرائيل والجانب الفلسطيني "لسرعة إطلاق سراح المحتجزين والرهائن والأسرى الفلسطينيين وسرعة دفع المساعدات الإنسانية بأقصى سرعة وبأكبر قدر ممكن لإنهاء الوضع الإنساني الكارثي في غزة، ولإنقاذ الفلسطينيين من الحصار الجائر المفروض عليهم من سلطات الاحتلال الإسرائيلي والتصدي لكافة المحاولات الإسرائيلية لفرض التهجير القسري على الشعب الفلسطيني بهدف تصفية قضيته النبيلة".
وشدد على أن وقف إطلاق النار لن يعرقل جهود الوساطة الجارية، بل سيتيح لها الظروف المناسبة لتنجح، قائلا "دعونا نتفاوض ونتوسط وسط انسياب المساعدات الإنسانية واستعادة الهدوء وتضميد جراح المصابين خاصة الأطفال اليتامى والنساء الثكلى، بدلا من أن نتفاوض وسط الدمار والخراب الذي تخلفه آلة الحرب الإسرائيلية المدمرة".
وحذر السفير المصري من المخاطر الكارثية والمحدقة بالفلسطينيين جراء الخطط الإسرائيلية المعلنة لاقتحام مدينة رفح، فضلا عن استمرار تدهور الوضع الإقليمي جراء استمرار "هذه الحرب المدمرة".