قمة المستقبل- إصلاحات ودعوات للوفاء بالوعود لجعل العالم أفضل للجميع
24 September 2024
في افتتاح قمة المستقبل بمقر الأمم المتحدة، اعتمدت الجمعية العامة- بالإجماع وبدون تصويت- قرارا يتضمن اتفاقا رئيسيا يُعرف بـ "ميثاق المستقبل" الذي يوصف بأنه دعوة للعمل والإصلاح لوضع العالم على مسار أفضل يعود بالخير على الجميع في كل مكان.
بعد اعتماد القرار تضمنت الجلسة الافتتاحية للقمة كلمات لرئيس الجمعية العامة والأمين العام وممثلين عن شباب العالم، منهم الشاب القطري غانم المفتاح الذي دعا إلى العمل لضمان أن يكون المستقبل شاملا وآمنا للجميع.
الاتفاق الأوسع نطاقا منذ سنين
مـيثاق المستقبل- الذي يضم الـميثاق الرقمي الدولي، وإعـلان الأجيال المقبلة- هو الاتفاق الدولي الأوسع نطاقا منذ سنوات عديدة، وتتويج لعملية جامعة استغرقت سنوات لضمان تكيف التعاون الدولي مع وقائع اليوم وتحديات الغد.
يغطي الميثاق مجالات جديدة تماما بالإضافة إلى قضايا لم يكن من الممكن الاتفاق عليها منذ عقود. يهدف ميثاق المستقبل في المقام الأول إلى ضمان أن المؤسسات الدولية قادرة على العمل في عالم تغير بشكل هائل منذ إنشاء تلك المؤسسات.
وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة: "لا يمكننا تشكيل مستقبل يصلح لأحفادنا، بنظام بناه أجدادنا".
الميثاق هو تعبير عن التزام الدول القوي تجاه الأمم المتحدة والنظام العالمي والقانون الدولي. وقد وضع القادة، في الاتفاق، رؤية واضحة لمنظومة دولية قادرة على الوفاء بالوعود تكون أكثر تمثيلا لعالم اليوم، تستفيد من طاقات وخبرات الحكومات والمجتمع المدني والشركاء الرئيسيين الآخرين.
يركز الميثاق على خمسة مجالات هي: التنمية المستدامة، السلم والأمن الدوليان، العلوم والتكنولوجيا، الشباب والأجيال القادمة، وإحداث تغيير في الحوكمة العالمية وهو مجال حيوي في ظل عدم قدرة المؤسسات متعددة الأطراف على إيجاد حلول لمشاكل القرن الحادي والعشرين.
من خلال اعتماد ميثاق المستقبل، تعهدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، من بين أمور أخرى، بما يلي:
تعزيز أهـداف التنمية المستدامة واتـفاق باريس للمناخ.
التحول بعيدا عن الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنصفة.
الاستماع إلى الشباب وإشراكهم في صنع القرار، على المستويين الوطني والعالمي.
بناء شراكات أقوى مع المجتمع المدني والقطاع الخاص والسلطات المحلية والإقليمية وغيرهم.
مضاعفة الجهود لبناء واستدامة مجتمعات سلمية وشاملة وعادلة ومعالجة الأسباب الجذرية للصراعات.
حماية جميع المدنيين في النزاعات المسلحة.
وتسريع تنفيذ الالتزامات بشأن المرأة والسلم والأمن.
مفترق طرق
UN Photo/Loey Felipe
رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة فيليمون يانغ يتحدث في قاعة الجمعية العامة بعد اعتماد ميثاق المستقبل، في افتتاح قمة المستقبل.
رئيس الجمعية العامة، فيليمون يانغ أكد أن "مستقبلنا بين أيدينا، وأن لدينا القدرة على اتخاذ خيارات مهمة للمستقبل". وأضاف: "نحن نقف عند مفترق طرق التحول العالمي. نواجه تحديات غير مسبوقة- تتطلب عملا جماعيا عاجلا- من الصراع وتغير المناخ إلى الفجوة الرقمية".
وشدد في كلمته بعد تبني ميثاق المستقبل على أن قمة المستقبل منحت مسارا للمستقبل ليس لمعالجة الأزمات الفورية فحسب، وإنما أيضا لإرساء الأسس لنظام عالمي مستدام وعادل وسلمي لجميع الشعوب والأمم.
وقال يانغ: "إن قمة المستقبل هي دعوة إلى العمل. يجب أن نشكل مستقبلنا لحماية أنفسنا وكوكب الأرض". وأضاف أنه يتعين أن يؤدي المسار الذي نختاره إلى مستقبل تحترم فيه الكرامة الإنسانية ويتم فيه تعزيز حقوق الإنسان.
وأكد ضرورة المضي قدما عبر التحلي بروح التضامن والتعاون متعدد الأطراف. وقال رئيس الجمعية العامة إن "التقدم الهادف يتطلب سماع جميع الأصوات وأن يكون لجميع الدول، بغض النظر عن حجمها أو ثروتها، مقعد على الطاولة".
وشدد على أن الشباب هم حاملو شعلة الغد، وخصوصا في أفريقيا، حيث يدخل عدد أكبر من الشباب إلى سوق العمل كل عام مقارنة ببقية العالم. وقال يانغ: "دعونا نرتقي معا إلى هذه اللحظة بشجاعة وعزيمة بينما نسرع رحلتنا نحو مستقبل أكثر إشراقا للجميع في كل مكان".
خطوات أولى حاسمة
UN Photo
في كلمته قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن العالم يواجه أوقاتا مضطربة يمر خلالها بالتحول، وأضاف: "لا يمكننا أن ننتظر الظروف المثالية. يجب أن نتخذ الخطوات الأولى الحاسمة بتحديث وإصلاح التعاون الدولي لجعله أكثر ترابطا وعدالة وشمولا، الآن. واليوم بفضل جهودكم، قد فعلنا ذلك".
وذكر الأمين العام أن الاتفاقات التي اعتمدتها القمة وهي: مـيثاق المستقبل، الـميثاق الرقمي العالمي، وإعـلان الأجيال المقبلة، تفتح الطريق إلى إمكانات وفرص جديدة.
وفسر الأمين العام ذلك بالقول:
- على صعيد السلم والأمن، تتعهد هذه الاتفاقات بتحقيق تقدم كبير في مجال الإصلاحات الرامية إلى جعل مجلس الأمن أكثر قدرة على أن يعكس شكل العالم اليوم، ومعالجة التمثيل التاريخي الناقص لأفريقيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ وأميركا اللاتينية،
- وتضع الأساس لإنشاء لجنة بناء سلام أكثر مرونة، ولإجراء مراجعة أساسية لعمليات السلام لجعلها مناسبة للظروف التي تواجهها،
- وتمثل هذه الاتفاقات أول دعم متعدد الأطراف متفق عليه لنزع السلاح النووي منذ أكثر من عقد من الزمان،
- كما تعترف بالطبيعة المتغيرة للصراع، وتلتزم باتخاذ خطوات لمنع سباق التسلح في الفضاء الخارجي وتنظيم استخدام الأسلحة الفتاكة المستقلة،
- وتتضمن تدابير لوضع استجابة فورية ومنسقة للصدمات العالمية المعقدة،
- وعلى صعيد التنمية المستدامة، تمثل هذه الاتفاقات تقدما كبيرا نحو الإصلاحات الرائدة للهيكل المالي الدولي.
ودعا أنطونيو غوتيريش الدول الأعضاء إلى تطبيق ميثاق المستقبل من خلال منح الأولوية للحوار والتفاوض وإنهاء الحروب وإصلاح تشكيل وأساليب عمل مجلس الأمن وإسراع إصلاحات النظام المالي العالمي، ووضع مصالح البشرية في جوهر التكنولوجيات الجديدة.
احتضان الاختلافات
UN Photo
الشاب القطري غانم المفتاح يتحدث أمام قمة المستقبل، ممثلا للشباب.
من بين ممثلي الشباب الذين تحدثوا في القمة، الشاب القطري غانم المفتاح حيث قال إن القرارات التي تُتخذ اليوم لا تتعلق فقط بالسياسات والاستراتيجيات، "بل تتعلق أيضا بتشكيل عالم يمكن فيه لجميع الأطفال أن يزدهروا في مستقبل شامل وآمن ومستدام".
وأضاف أنه باعتباره شخصا من ذوي الإعاقة، "تعلمت أن التقدم الحقيقي لا يأتي من التغلب على التحديات الشخصية وحدها، ولكن من كيفية احتضاننا كمجتمع لاختلافات بعضنا البعض".
لكنه نبه أيضا إلى أنه لا يوجد خيار للأطفال عندما تتسبب الحروب والصراعات في إصابات غير ضرورية وإعاقات مدى الحياة. وشدد على أن "وقف الاتجاه العالمي للعنف في غزة وحول العالم، في أيدينا"، وأنه يجب إنهاء المعاناة اليوم "كي نتمكن من رؤية غد أكثر وضوحا".
وأكد على أنه يجب على القادة فهم ما يريده الناس والاستماع إلى أصواتهم من خلال منصات كهذه للدفع نحو تغيير هادف. وقال المفتاح في ختام كلمته: "المستقبل ينتمي إلى شبابنا. يجب أن نضمن استعدادهم لتولي أدوار قيادية من أجل أن يكونوا صناع التغيير".
اعتراض روسي على صيغة الميثاق
بعد كلمة موجزة من رئيس الجمعية العامة لافتتاح القمة، طلبت روسيا الكلمة وقال مندوبها إن التشاور حول مـيثاق المستقبل، لم يكن كافيا.
وأضاف "كان من الأفضل عدم طرح هذا النص الذي لا يحظى بالإجماع، وأن نواصل التفاوض حتى تحظى الوثيقة بقبول الجميع بدون استثناء". وأعرب عن أمله في أن "يتحلى رئيس الجمعية العامة بالشجاعة لاقتراح هذا الإجراء" أي عدم طرح مشروع القرار الذي يتضمن الميثاق للتصويت.
وذكر أن المضي قدما في طرح الميثاق بشكله الحالي، سيدفع بلاده ونيكاراغوا وبيلاروسيا إلى اقتراح تعديل على النص. وتحدثت دول أخرى بعد ذلك عن تأييدها للتعديلات الروسية بما فيها فنزويلا ممثلة عن كل من سوريا وإيران.
تأييد أفريقي للميثاق
بعد كلمة روسيا، تحدثت الكونغو نيابة عن المجموعة الأفريقية، وطالبت برفض تبني التعديلات التي اقترحتها روسيا. وأكد ممثل الكونغو أن تبني مثل هذه التعديلات لن يفيد تحقيق تطلعات وآمال القارة الأفريقية.
وصوتت 143 دولة لصالح الطلب الذي تقدمت به الكونغو (بشأن عدم التصويت على التعديلات الروسية) مقابل 7 دول رفضت الطلب فيما امتنعت 15 دولة عن التصويت.
ينص ميثاق المستقبل على أن تتعهد الدول الأعضاء في الميثاق باتخاذ 56 إجراء في مجالات التنمية المستدامة وتمويل التنمية، والسلام والأمن الدوليين، والعلم والتكنولوجيا والابتكار والتعاون الرقمي، والشباب والأجيال المقبلة، وإحداث تحول في الحوكمة العالمية.
(المصدر: أخبار الأمم المتحدة)